الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( الرابع ) ، قال [ ص: 465 ] اللخمي : من شرط الإقامة أن تعقبها الصلاة فإن تراخى ما بينهما أعاد الإقامة ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم التوسعة في ذلك انتهى . وقال صاحب الطراز لما تكلم على الخلاف في إقامة الراكب وصوب مذهب المدونة ، وأنه لا يقيم راكبا ، قال : لأن ذلك أقرب لاتصال الإقامة بالصلاة فإن أقام راكبا ، ثم نزل وأحرم من غير كبير شغل أجزأه ذلك ، ثم قال : ( فرع ) إذا كان المستحب إيصال الإقامة بالصلاة فهل يبعد المؤذن في الإقامة عن الإمام مثل الجامع الواسع يخرج المؤذن إلى بابه أو يصعد على سطحه فيقيم ، قال أشهب أحب إلي أن تكون الإقامة في صحن المسجد ، وقرب الإمام ، وقال ابن القاسم في العتبية : لا بأس أن يخرج خارج المسجد إن كان ليسمع من حوله أو قربه ، وإن لم يكن ذلك فهو خطأ ، قال مالك في المجموعة في الإقامة على المنار أو على ظهره أو خارجه : لا بأس بذلك ، وإن كان ليخص رجلا ليسمعه فداخل المسجد أحب إلي . وفي الموطإ أن ابن عمر سمع الإقامة ، وهو بالبقيع فأسرع وهذا يقتضي أن الإقامة لم تكن داخل المسجد ولو كانت لما سمعت من البقيع انتهى . وما ذكره عن العتبية نحوه في نوازل سحنون من كتاب الطهارة ، وقال في الذخيرة لما تكلم على مسألة إقامة الراكب : لأن السنة اتصال الإقامة بالصلاة ، والنزول عن الدابة وعقلها ، وإصلاح المتاع طول انتهى .

                                                                                                                            وقوله في الطراز : إذا كان المستحب اتصال الإقامة بالصلاة يقتضي أن اتصال الإقامة بالصلاة مستحب لا شرط ، وهو خلاف ما تقدم في كلام اللخمي لكن يمكن أن يحمل كلامه على الفصل اليسير ، فهو الذي يستحب تركه ، وأما إن طال الفصل فإنه يعيد الإقامة كما يدل عليه قوله : فإن أقام راكبا ، ثم نزل وأحرم من غير تكبير شغل فيكون موافقا ، لكلام اللخمي وكذا يحمل كلام القرافي ، وقد قال ابن عرفة روى ابن القاسم : إن بعد تأخير الصلاة عن الإقامة أعيدت وفي إعادتها لبطلان صلاتها ، وإن طال ، نقل عياض عن ظاهرها ، وبعضهم ، وعزا المازري الأول : لبعضهم أخذا من قولها : من رأى نجاسة في ثوبه قطع وابتدأ بإقامة ، ولم يحك الثاني انتهى . وقد تقدم في فصل إزالة النجاسة عن ابن ناجي أنه قال : ظاهر المدونة أنه يبتدئ بإقامة طال أم لا ، وعليه حملها بعضهم قائلا : إن الإقامة الأولى كانت صلاة فاسدة فبطلت ببطلانها ، وقال آخرون : إنما ذلك في الطول ، وأما القرب فلا يفتقر لإقامة انتهى .

                                                                                                                            وقال في النوادر ، ومن المجموعة : قال ابن القاسم عن مالك : ومؤذن أقام الصلاة فأخره الإمام لأمر يريده فإن كان قريبا كفتهم تلك الإقامة ، وإن بعد أعاد الإقامة ، وقال في المختصر : وإذا أقام فتأخر الإمام قليلا أجزأه ، فإن تباعد أعاد الإقامة انتهى . فتحصل من هذا : أن اتصال الإقامة بالصلاة سنة ، وأن الفصل اليسير لا يضر ، والكثير يبطل الإقامة ، وسيأتي في التنبيه الثامن عشر أنه يستحب للإمام أن ينتظر بالإحرام بعد الإقامة قدر ما تسوى الصفوف فهذا الفصل مستحب فلا بد أن يكون التأخير اليسير المغتفر فوقه ، وسيأتي في التنبيه الثاني عشر أنه كان صلى الله عليه وسلم يناجي الرجل طويلا بعد الإقامة ، والله أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية