الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2620 - وعنه قال : " رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة يوم النحر ضحى ، وأما بعد ذلك ، فإذا زالت الشمس " . متفق عليه .

التالي السابق


2620 - ( وعنه ) أي : عن جابر ( قال : رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة ) في " الهداية " : ولو طرحها طرحا أجزأه . قال ابن الهمام : لأن مسمى الرمي لا ينتفي في الطرح رأسا ، بل إنما فيه مع قصور ; فتثبت الإساءة به ، بخلاف وضع الحصاة وضعا ، فإنه لا يجزئ لانتفاء حقيقة الرمي الكلية . ( يوم النحر ) أي : يوم العيد ( ضحى ) أي : وقت الضحوة من بعد طلوع الشمس إلى ما قبل الزوال ( وما بعد ذلك ) أي : بعد يوم النحر ، وهو أيام التشريق ( فإذا زالت الشمس ) أي : فرمي بعد الزوال . قال ابن الهمام : أفاد أن وقت الرمي في اليوم الثاني لا يدخل إلا بعد ذلك ، وكذا في اليوم الثالث . وفي رواية غير مشهورة عن أبي حنيفة قال : أحب إلي أن لا يرمي في اليوم الثاني ، والثالث ، حتى تزول الشمس ، فإن رمى قبل ذلك أجزأه ، وحمل المروي من فعله - عليه الصلاة والسلام - على اختيار الأفضل ، وجه الظاهر اتباع المنقول ، لعدم المعقولية ، ولم يظهر أثر تحقيق فيها بتجويز الترك لينفتح باب التخفيف بالتقديم . ( متفق عليه ) . وروى البخاري ، عن ابن عمر : كنا نتحين ، فإذا زالت الشمس رمينا ، فلا يجوز تقديم رمي يوم على زواله إجماعا على ما زعمه الماوردي ، لكن يرد عليه حكاية إمام الحرمين ، وغيره الجواز عن الأئمة . وروى أبو داود من حديث ابن إسحاق ، يبلغ به عائشة ، قالت : أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يوم حين صلى الظهر ، يعني : يوم النحر ، ثم رجع إلى منى ، فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس ؛ الحديث .

قال المنذري : حديث حسن ، رواه ابن حبان في صحيحه ، كذا ذكره ابن الهمام - رحمه الله - . قلت : وفيه دلالة ظاهرة على أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بمكة يوم النحر ، وفي الجملة يسن تقديم الرمي على صلاة الظهر إن لم يخف فوتها ، كما دل عليه حديث ابن عمر في البخاري ، ورواه ابن ماجه ، وفي " الهداية " : وأما اليوم الرابع ، فيجوز الرمي قبل الزوال عند أبي حنيفة خلافا لهما ، ومذهبه مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - .

قال ابن الهمام : أخرج البيهقي عنه : إذا انتفخ النهار من يوم النفر ، فقد حل الرمي ، والصدر ، والانتفاخ : الارتفاع ، وفي سنده طلحة بن عمرو ضعفه البيهقي . قال ابن الهمام : ولا شك أن المعتمد في تعيين الوقت للرمي في الأول من أول النهار ، وفيما بعده من بعد الزوال ليس إلا فعله كذلك ، مع أنه غير معقول ، ولا يدخل وقته قبل الوقت الذي فعله فيه - عليه الصلاة والسلام ، كما لا يفعل في غير ذلك المكان الذي رمى فيه - عليه الصلاة والسلام ، وإنما رمى - عليه الصلاة والسلام - في الرابع بعد الزوال فلا يرمى قبله .




الخدمات العلمية