الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1224 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته لقول الله تعالى : قوا أنفسكم وأهليكم نارا

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب في بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره هذه الترجمة بعينها لفظ حديث نذكره عن قريب مسندا ، وقال بعضهم : هذا تقييد من المصنف لمطلق الحديث ، وحمل منه لرواية ابن عباس المقيدة بالبعضية على رواية ابن عمر المطلقة قلت : لا نسلم أن التقييد من المصنف بل هما حديثان أحدهما مطلق والآخر مقيد ، فترجم بلفظ الحديث المقيد تنبيها على أن الحديث المطلق محمول عليه ; لأن الدلائل دلت على تخصيص العذاب ببعض البكاء لا بكله ; لأن البكاء بغير نوح مباح كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                  وقوله : " إذا كان النوح " إلى آخره ليس من الحديث المرفوع بل هو من كلام البخاري قاله استنباطا . قوله : " من سنته " بضم السين وتشديد النون وكسر التاء المثناة من فوق أي : من عادته وطريقته وهكذا هو للأكثرين . وقال ابن قرقول : أي مما سنه واعتاده إذ كان من العرب من يأمر بذلك أهله ، وهو الذي تأوله البخاري ، وهو أحد التأويلات في الحديث ، وضبطه بعضهم بالباء الموحدة المكررة أي من أجله . وذكر عن محمد بن ناصر أن الأول تصحيف والصواب الثاني وأي سنة للميت ، وفي بعض النسخ باب إذا كان النوح من سننه وضبطه بالنون .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لقول الله تعالى " إلى آخره وجه الاستدلال بالآية أن الشخص إذا كان نائحا وأهله يقتدون به فهو صار سببا لنوح أهله فما وقى أهله من النار ، فخالف الأمر ويعذب بذلك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قوا " أمر للجماعة من وقى يقي وأصله أوقيوا ; لأن الأمر من يقي ق وأصله أوق فحذفت الواو تبعا ليقي ، وأصله يوقي حذفت الواو ولوقوعها بين الياء والكسرة ، فصار يقي على وزن يعي والأمر منه ق ، وعلى الأصل أوق ، فلما حذفت الواو منه تبعا للمضارع استغني عن الهمزة فحذفت فصار ق على وزن ع تقول ق قيا قوا ومعنى قوا احفظوا لأنه من الوقاية وهو الحفظ .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية