الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 59 - 60 ] وفعل المأذون ، ومثله ودونه ، لا أضر

التالي السابق


( وفعل ) المستعير الشيء ( المأذون ) له في فعله من المعير كاستعارته دابة لحمل إردب بر عليها من مصر لمكة المشرفة ( و ) فعل ( مثله ) أي المأذون كحمل إردب عدس بدل إردب قمح ( و ) فعل ( دونه ) أي أخف من المأذون فيه كحمل إردب شعير بدل إردب قمح ( لا ) يفعل ( أضر ) منه كإردب فول بدل إردب قمح . " ق " فيها من استعار دابة ليحمل عليها حنطة فحمل عليها حجارة فكل ما حمل مما هو أضر بها مما استعارها له فعطبت به فهو ضامن ، وإن كان مثله في الضرر فلا يضمن كحمله عدسا في مكان حنطة أو كتانا أو قطنا في مكان بز ، وكذلك من اكتراها لحمل أو ركوب ، فأكراها من غيره في مثل ما اكتراها له فعطبت فلا يضمن ، وإن اكتراها لحمل حنطة فركبها فعطبت ، فإن كان ذلك أضر وأثقل ضمن وإلا فلا .

ابن عرفة فيها إن استأجرت ثوبا تلبسه إلى الليل فلا تعطيه غيرك ليلبسه لاختلاف الناس في اللبس والأمانة ، وكره مالك " رضي الله عنه " لمكتري دابة لركوبه كراءها لغيره ولو كان أخف منه وما منع في الإجارة فأحرى في العارية . ابن شعبان من استعار دابة فلا [ ص: 61 ] يركبها غيره وإن كان مثله في الخفة والحال . طفى قوله ومثله هذا في الحمل كما هو فرض المسألة فيها وغيرها فلا يشمل المثل في المسافة كما يدل عليه قوله في كراء الدابة أو ينتقل لبلد وإن ساوت إلا بإذنه ليجري كلامه على سنن واحد لأنه إذا منع في الإجارة فأحرى هنا في سماع سحنون روى علي من استعار دابة إلى بلد فركبها إلى غيره فعطبت ، فإن كان ما ركبها إليه مثل الأول في السهولة فلا يضمنها .

ابن رشد هذا يدل على أنه غير متعد بذلك ، وأن له أن يفعله ولابن القاسم في المبسوطة أنه يضمن بركوبها لغير ما استعارها له وهو الآتي على قولها في الرواحل من أكرى دابة إلى بلد ليس له أن يركبها إلى غيره ، وله في آخر سماع ابن القاسم من الجعل والإجارة اختلف فيمن استعار دابة لموضع فركبها إلى مثله في الحزونة والسهولة والبعد فهلكت فروى علي لا ضمان عليه ، وقاله عيسى بن دينار في المبسوطة ، وقال ابن القاسم فيها يضمن . ا هـ . فأنت ترى الضمان هو قول ابن القاسم وهو الجاري على مذهب المدونة ، فجعل عج ومن تبعه كلام المصنف شاملا للمسافة وأنه الراجح غير ظاهر . ا هـ . وتبعه البناني . .




الخدمات العلمية