الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( الثالث عشر ) ، قال في مختصر الواضحة : لا بأس بالكلام بين الإقامة والصلاة ، قال عبد الملك : وحدثني ابن الماجشون عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير ، قال : كانت الصلاة تقام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي الرجل طويلا قبل أن يكبر وإنما جعل العود الذي في القبلة لكي يتوكأ عليه انتهى . وهذا ما لم يطل كما تقدم .

                                                                                                                            ( الرابع عشر ) قال في مختصر الواضحة : قال مالك : ولا بأس أن يشرب الماء بعد الإقامة وقبل التكبير انتهى .

                                                                                                                            ( الخامس عشر ) قال في البيان في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم من كتاب الجامع ، قال مالك : بلغني إن رجلا قدم حاجا ، وأنه جلس إلى سعيد بن المسيب وقد أذن المؤذن وأراد أن يخرج من المسجد واستبطأ الصلاة ، فقال له سعيد : لا تخرج فإنه بلغني أنه من خرج بعد المؤذن خروجا لا يرجع إليه أصابه أمر سوء ، قال : فقعد الرجل ، ثم إنه استبطأ الإقامة ، فقال : ما أراه إلا قد حبسني فخرج فركب راحلته ، فصرع فكسر فبلغ ذلك ابن المسيب ، فقال : قد ظننت أنه سيصيبه ما يكره ، قال ابن رشد : قول ابن المسيب " بلغني " معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ لا يقال مثله بالرأي ، وهي عقوبة معجلة للخارج بعد الأذان من المسجد على أنه لا يعود إليه لإيثاره تعجيل حوائج دنياه على الصلاة التي أذن لها وحضر وقتها ، وأما إذا خرج راغبا عنها آبيا من فعلها فهو منافق ، وقد قال ابن المسيب : " بلغني أنه لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء إلا أحد يريد الرجوع إليه إلا منافق " انتهى . وذكر في التمهيد في بلاغات مالك عن أبي هريرة أنه رأى رجلا يجتاز في المسجد ، ويخرج بعد الأذان ، فقال أما هذا فقد عصى أبا القاسم ، قال أبو عمر بن عبد البر أجمعوا على القول بهذا الحديث لمن لم يصل ، وكان على طهارة وكذا إن كان قد صلى وحده إلا ما لا يعاد من الصلوات فلا يحل له الخروج من المسجد بإجماع إلا أن يخرج للوضوء وينوي الرجوع انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) قوله : " لا يحل " أي : يكره له الخروج ; لأن المكروه ليس بحلال ; لأن الحلال المباح ، وظاهر اللفظ التحريم وكذلك قوله : " عصى أبا القاسم " وليس كذلك إنما يحرم الخروج بالإقامة وأما قبلها فيجوز كما سيأتي في فصل الجماعة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية