الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن أفلس وعنده متاع لرجل بعينه ابتاعه منه فصاحب المتاع أسوة للغرماء فيه ) وقال الشافعي رحمه الله : يحجر القاضي على المشتري بطلبه [ ص: 279 ] ثم للبائع خيار الفسخ لأنه عجز المشتري عن إيفاء الثمن فيوجب ذلك حق الفسخ كعجز البائع عن تسليم المبيع وهذا لأنه عقد معاوضة ، ومن قضيته المساواة وصار كالسلم . ولنا أن الإفلاس يوجب العجز عن تسليم العين وهو غير مستحق بالعقد فلا يثبت حق الفسخ باعتباره وإنما المستحق وصف في الذمة : أعني الدين ، وبقبض العين تتحقق بينهما مبادلة ، هذا هو الحقيقة فيجب اعتبارها ، إلا في موضع التعذر كالسلم لأن الاستبدال ممتنع فأعطى للعين حكم الدين ، والله أعلم .

التالي السابق


( قوله لأنه عجز المشتري عن إيفاء الثمن فيوجب ذلك حق الفسخ كعجز البائع عن تسليم المبيع ، وهذا لأنه عقد معاوضة ومن قضيته المساواة )

[ ص: 280 ] قال صاحب العناية في تقرير هذا المحل : لأنه عجز المشتري عن إيفاء الثمن ، والعجز عن إيفاء الثمن يوجب حق الفسخ قياسا على العجز عن إيفاء المبيع ، والجامع بينهما أنه عقد معاوضة ، ومن قضيته المساواة ا هـ .

ورد بعض الفضلاء قوله : والجامع بينهما أنه عقد معاوضة ، حيث قال : فيه بحث ، بل العلة الجامعة هي العجز عن التسليم ، وقوله : وهذا لأنه عقد معاوضة . . . إلخ

لبيان صحة القياس ، فليتأمل ا هـ . أقول : ليس ذاك بسديد ، لأن مجرد العجز عن التسليم لا يكاد أن يكون علة جامعة في صحة جامعة في صحة القياس ها هنا بدون ملاحظة كون العقد عقد معاوضة ، وإلا لزم أن يوجب العجز عن التسليم حق الفسخ في غير عقد المعاوضة أيضا ، ولم يقل به أحد ، فالمدار في تحقق العلة الجامعة ها هنا كون البيع عقد معاوضة ، وهو الوجه لبيان المصنف صحة القياس ها هنا بقوله : وهذا لأنه عقد معاوضة .

ومن قضيته المساواة والقول بأن الجامع بينهما أنه عقد معاوضة ومن قضيته المساواة ليس مما تفرد به صاحب العناية ، بل أطبقت على التصريح به كلمة الثقات ها هنا كصاحب الكافي وصاحب معراج الدراية والإمام الزيلعي وغيرهم ، والله أعلم .




الخدمات العلمية