الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6077 ) فصل : والرجعية زوجة يلحقها طلاقه ، وظهاره ، وإيلاؤه ، ولعانه ، ويرث أحدهما صاحبه ، بالإجماع . وإن خالعها صح خلعه . وقال الشافعي ، في أحد قوليه : لا يصح ; لأنه يراد للتحريم ، وهي محرمة . ولنا ، أنها زوجة صح طلاقها ، فصح خلعها ، كما قبل الطلاق ، وليس مقصود الخلع التحريم ، بل الخلاص من مضرة الزوج ونكاحه الذي هو سببها ، والنكاح باق ، ولا نأمن رجعته ، وعلى أننا نمنع كونها محرمة ( 6078 ) فصل : وظاهر كلام الخرقي ، أن الرجعية محرمة ; لقوله : " وإذا لم يدر أواحدة طلق أم ثلاثا ؟ فهو متيقن للتحريم ، شاك في التحليل " . وقد روي عن أحمد ما يدل على هذا . وهو مذهب الشافعي . وحكي ذلك عن عطاء ، ومالك . وقال القاضي : ظاهر المذهب أنها مباحة . قال أحمد ، في رواية أبي طالب : لا تحتجب عنه .

                                                                                                                                            وفي [ ص: 401 ] رواية أبي الحارث : تتشرف له ما كانت في العدة . فظاهر هذا أنها مباحة ، وله أن يسافر بها ، ويخلو بها ، ويطأها . وهذا مذهب أبي حنيفة ; لأنها في حكم الزوجات ، فأبيحت له كما قبل الطلاق . ووجه الأولى ، أنها طلقة واقعة ، فأثبتت التحريم ، كالتي بعوض . ولا خلاف في أنه لا حد عليه بالوطء . ولا ينبغي أن يلزمه مهر ، سواء راجع أو لم يراجع ; لأنه وطئ زوجته التي يلحقها طلاقه ، فلم يكن عليه مهر ، كسائر الزوجات .

                                                                                                                                            ويفارق ما لو وطئ الزوج بعد إسلام أحدهما في العدة ; حيث يجب المهر إذا لم يسلم الآخر في العدة ; لأنه إذا لم يسلم ، تبينا أن الفرقة وقعت من حين إسلام المسلم الأول منهما ، وهي فرقة فسخ تبين به من نكاحه ، فأشبهت التي أرضعت من ينفسخ نكاحها برضاعه ، وفي مسألتنا لا تبين إلا بانقضاء العدة ، فافترقا . وقال أبو الخطاب : إذا أكرهها على الوطء ، وجب عليه المهر عند من حرمها . وهو المنصوص عن الشافعي ; لأنه وطء حرمه الطلاق ، فوجب به المهر ، كوطء البائن . والفرق ظاهر ; فإن البائن ليست زوجة له وهذه زوجته ، وقياس الزوجة على الأجنبية في الوطء وأحكامه بعيد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية