الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ودليلها الإجماع وسنده قوله عليه الصلاة والسلام " { الزعيم غارم } " وتركها أحوط .

مكتوب في التوراة : الزعامة أولها ملامة ، وأوسطها ندامة ، وآخرها غرامة مجتبى .

التالي السابق


( قوله : وسنده ) أي سند الإجماع ، إذ لا إجماع إلا عن مستند وإن لم يلزم علمنا به .

( قوله : عليه الصلاة والسلام " { الزعيم غارم } " ) أي يلزمه الأداء عند المطالبة به ، فهو بيان لحكم الكفالة ، والحديث كما في الفتح رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن .

وقد استدل في الفتح لشرعيتها بقوله تعالى - { ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } - وعادتهم تقديم ما ورد في الكتاب على ما في السنة والشارح يذكره أصلا ، ولعله لشهرته أو لما قيل إنه لا كفالة هنا ; لأنه مستأجر لمن جاء بالصواع بحمل بعير ، والمستأجر يلزمه ضمان الأجرة ولكن جوابه أن الكفيل كان رسولا من الملك لا وكيلا بالاستئجار والرسول سفير ، فكأنه قال إن الملك يقول لمن جاء به حمل بعير ثم قال الرسول وأنا بذلك الحمل زعيم : أي كفيل ، وبحث فيه في النهر .

( قوله : وتركها أحوط ) أي إذا كان يخاف أن لا يملك نفسه من الندم على ما فعله من هذا المعروف ، أو المراد أحوط في سلامة المال لا في الديانة إذ هي بالنية تكون طاعة يثاب عليها فقد قال في الفتح : ومحاسن الكفالة جليلة : وهي تفريج كرب الطالب الخائف على ماله والمطلوب الخائف على نفسه ، حيث كفيا مؤنة ما أهمهما ، وذلك نعمة كبيرة عليهما ; ولذا كانت من الأفعال العالية ، وتمامه فيه .

( قوله : مكتوب في التوراة إلخ ) رأيت في الملتقط : قيل مكتوب على باب من أبواب الروم وفيه زيادة على ما هنا ، ومن لم يصدق فليجرب حتى يعرف البلاء من السلامة .

( قوله : أولها ملامة ) سقط أولها من بعض النسخ ، وهو موجود في البحر عن المجتبى ، والمراد والله أعلم أنه يعقبها في أول الأمر الملامة لنفسه منه أو من الناس ، ثم عند المطالبة بالمال يندم على إتلافه لماله ، ثم بعد ذلك يغرم المال أو يتعب نفسه بإحضار المكفول به ; لأن الغرم لزوم الضرر ، ومنه قوله تعالى { إن عذابها كان غراما . }




الخدمات العلمية