الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 79 ] وفي حلف المجهول : قولان .

التالي السابق


( وفي حلف ) الشخص ( المجهول ) حاله المدعى عليه بالغصب فإن حلف برئ ، وإن نكل حلف المدعي وغرمه ، فإن نكل فلا شيء له وعدم حلفه قاله أشهب واستظهر ( قولان ) لم يطلع المصنف على أرجحية أحدهما فيها عقب ما تقدم عنها ، وإن كان متهما بذلك نظر فيه الإمام وأحلفه ، فإن نكل فلا يقضي عليه حتى يرد اليمين على المدعي كسائر الحقوق ا هـ . أبو الحسن ابن يونس الناس في هذا على ثلاثة أوجه ، فإن كان المدعى عليه الغصب ممن يليق به ذلك هدد وسجن ، فإن لم يخرج شيئا حلف وفائدة تهديده لعله يخرج عين المغصوب إذا كان تعرف عينه . وأما ما لا تعرف فلا فائدة لتهديده إذ لو أخرج به ما لا يعرف بعينه فلا يؤخذ حتى يقر آمنا ، وإن كان من وسط الناس لا يليق به غصب فلا تلزمه يمين ولا يلزم راميه به شيء ، وإن كان من أهل الخير والدين لزم القائل بذلك الأدب ا هـ .

وفي آخر كتاب السرقة من النكت بعض شيوخنا من اتهم بالسرقة على ثلاثة أوجه ، مبرز بالعدالة والفضل لا شيء عليه ، ويؤدب له المدعى عليه ، ومتهم معروف بمثل هذا فيحلف ويهدد ويسجن على قدر ما يرى الحاكم من الاجتهاد فيه ، ورجل متوسط الحال بين هذين عليه اليمين ا هـ . اللخمي من ادعي عليه الغصب فالحكم في تعليق اليمين به وعقوبته يرجع إلى حاله ، فإن كان معروفا بالخير والصلاح عوقب المدعي ، وإن لم يعرف بذلك وأشكل حاله فلا يعاقب المدعي ولا يحلف المدعى عليه ، وإن كان ممن يشبهه ذلك ويساء به الظن يحلف ولا يعاقب المدعي . فإن نكل حلف المدعي واستحق ، وإن كان معروفا بالتعدي والغصب يحلف ويضرب ويسجن ، فإن تمادى على الجحود ترك واختلف إذا اعترف بعد التهديد على ثلاثة أقوال ، قيل لا يؤاخذ بإقراره عين المدعى فيه أو لم يعينه لأنه مكره . وقيل إن عين المدعى فيه أخذ به وإلا فلا . [ ص: 80 ] وقال سحنون يؤخذ بإقراره عين المدعى فيه أم لم يعينه ، قال ولا يعرف هذا إلا من ابتلي به ، أي القضاء وما شابهه لأن ذلك الإكراه كان بوجه جائر ، وإذا كان من الحق عقوبته وسجنه إذا عرف من حاله أخذ بإقراره ، وإنما الإكراه الذي لا يؤاخذ به ما كان ظلما أن يضرب ويهدد ما لا يجوز فعل ذلك به ، وقد أجمع الناس أن من أسلم بعد القتال والسيف أنه مسلم كالطائع بغير إكراه بحق ، ولو أكره ذمي على الإسلام فلا يكون إسلامه إسلاما إن رجع عنه وادعى أنه كان للإكراه لأن الذمة التي عقدت لهم تمنع إكراههم فإكراههم ظلم .

ابن فرحون إذا كان المدعى عليه بذلك ليس من أهل التهمة فلا تجوز عقوبته اتفاقا ، واختلف في عقوبة متهمه على قولين والصحيح أنه يعاقب ، ثم قال قال الباجي إذا كان المدعى عليه مجهول الحال فظاهر المذهب أن لا أدب على المدعي ، وعليه اليمين ، وفي الواضحة أنه يخلى سبيله دون يمين أفاده الحط .




الخدمات العلمية