الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2750 حدثنا الحسن بن علي أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقم أحدكم أخاه من مجلسه ثم يجلس فيه قال وكان الرجل يقوم لابن عمر فلا يجلس فيه قال أبو عيسى هذا حديث صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( لا يقيم أحدكم أخاه من مجلسه ثم يجلس فيه ) قال ابن أبي جمرة : هذا اللفظ عام في المجالس ولكنه مخصوص بالمجالس المباحة ، إما على العموم كالمساجد ومجالس الحكام والعلم وإما على الخصوص كمن يدعو قوما بأعيانهم إلى منزله لوليمة ونحوها ، وأما المجالس التي ليس للشخص فيها ملك ولا إذن له فيها فإنه يقام ويخرج منها ، ثم هو في المجالس العامة وليس عاما في الناس بل هو خاص بغير المجانين ومن يحصل منه الأذى كآكل الثوم النيء إذا دخل المسجد ، والسفيه إذا دخل مجلس العلم أو الحكم ، قال والحكمة في هذا النهي منع استنقاص حق المسلم المقتضي للضغائن والحث على التواضع المقتضي للموادة . وأيضا فالناس في المباح كلهم سواء ، فمن سبق إلى شيء استحقه ، ومن استحق شيئا فأخذ منه بغير حق فهو غصب والغصب حرام . فعلى هذا قد يكون بعض ذلك على سبيل الكراهة ، وبعضه على سبيل التحريم ( قال ) أي سالم ( وكان الرجل يقوم لابن عمر فما يجلس فيه ) وفي رواية البخاري : " وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مكانه ثم يجلس مكانه " . قال النووي : وأما ما نسب إلى ابن عمر فهو ورع منه وليس قعوده فيه حراما إذا كان ذلك برضا الذي قام ، ولكنه تورع منه لاحتمال أن يكون الذي قام لأجله استحيا منه فقام عن غير طيب قلبه ، فسد الباب ليسلم من هذا ، أو رأى أن الإيثار بالقرب مكروه أو خلاف الأولى فكان يمتنع من ذلك لئلا يرتكب أحد بسببه مكروها ، أو خلاف الأولى بأن يتأخر عن موضعه من الصف الأول ويؤثره به وشبه ذلك . قال أصحابنا : وإنما يحمد الإيثار بحظوظ النفوس وأمور الدنيا دون القرب . انتهى . قلت : وقد ورد ذلك عن ابن عمر مرفوعا أخرجه أبو داود من طريق أبي الخصيب عن ابن عمر : جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقام له رجل من مجلسه فذهب ليجلس ، فنهاه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . .




                                                                                                          الخدمات العلمية