الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن حبيش

                                                                                      القاضي الإمام ، العالم الحافظ ، الثبت أبو القاسم عبد الرحمن [ ص: 119 ] بن محمد بن عبيد الله بن يوسف الأنصاري الأندلسي المريي ، نزيل مرسية ، ابن حبيش ، وحبيش هو خاله ، فينسب إليه . ولد بالمرية سنة أربع وخمسمائة .

                                                                                      تلا بالروايات على أحمد بن عبد الرحمن القصبي ، وابن أبي رجاء البلوي ، وطائفة .

                                                                                      وتفقه بأبي القاسم بن ورد ، وأبي الحسن بن نافع .

                                                                                      وسمع من خلق ، منهم : أبو عبد الله بن وضاح ، وعبد الحق بن غالب ، وعلي بن إبراهيم الأنصاري ، وأبو الحسن بن موهب .

                                                                                      ولقي بقرطبة يونس بن مغيث ، وجعفر بن محمد بن مكي ، وقاضي الجماعة محمد بن أصبغ ، والقاضي أبا بكر بن العربي ، وعدة .

                                                                                      روى عنه : أحمد بن محمد الطرسوسي ، وأبو سليمان بن حوط الله ، ومحمد بن وهب ، ومحمد بن إبراهيم بن صلتان ، وعلي بن أبي العافية ، ونذير بن وهب ، والحافظ عبد الله بن الحسن ابن القرطبي ، وأبو الخطاب بن دحية ، وعلي بن الشريك ، ومحمد بن محمد بن أبي السداد ، وخلق كثير ، وقصد من البلاد .

                                                                                      وأخذ الأدب عن محمد بن أبي زيد النحوي ، وبرع في العربية .

                                                                                      [ ص: 120 ] ولما تغلبت الروم على المرية سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ، خرج إلى مرسية ، ثم سكن جزيرة شقر فولي القضاء والخطابة بها . وكان في خلقه ضيق ، وكان من فرسان الحديث بالأندلس ، بارعا في لغته ، لم يكن أحد يجاريه في معرفة الرجال ، وله خطب حسان ، وتصانيف وسعة علم كثير جدا .

                                                                                      توفي في صفر سنة أربع وثمانين وخمسمائة .

                                                                                      قال أبو جعفر بن الزبير : هو أعلم أهل طبقته بصناعة الحديث ، وأبرعهم في ذلك ، مع مشاركته في علوم ، وكان من العلماء العاملين ، أمعن الناس في الأخذ عنه .

                                                                                      وقال أبو عبد الله بن عياد كان عالما بالقرآن ، إماما في علم الحديث ، واقفا على رجاله ، لم يكن بالأندلس من يجاريه فيه ، أقر له بذلك أهل عصره ، مع تقدمه في اللغة والأدب ، واستقلاله بغير ذلك من جميع الفنون .

                                                                                      قال : وكان له حظ من البلاغة والبيان ، صارما في أحكامه ، جزلا في أموره ، تصدر للإقراء والتسميع والعربية ، وكانت الرحلة إليه في زمانه ، وطال عمره ، وله كتاب " المغازي " في خمس مجلدات ، حمله عنه الناس .

                                                                                      [ ص: 121 ] قال أبو عبد الله الأبار مات بمرسية في رابع عشر صفر سنة أربع وثمانين وخمسمائة وله ثمانون سنة ، وكاد الناس أن يهلكوا من الزحمة على نعشه .

                                                                                      قلت : حمل عنه : محمد بن الحسن اللخمي الداني أيضا ، ومحمد بن أحمد بن حبون المصري ، وعبد الله بن الحسن المالقي ، وأبو الخطاب بن دحية وأخوه ، والعلامة أبو علي الشلوبين ، وخلق .

                                                                                      فقال أبو الربيع الكلاعي في " شيوخه " : القاضي العلامة ابن حبيش آخر أئمة المحدثين بالمغرب ، والمسلم له في حفظ أغربة الحديث ولسان العرب مع متانة الدين ، لقيته بمرسية ، وأخذت عنه معظم ما عنده ، وقرأت عليه " صحيح البخاري " ، وسمعه من ابن مغيث سنة 530 قال سمعته على أبي عمر بن الحذاء ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسد سنة 395 ، حدثنا ابن السكن سنة 343 ، حدثنا الفربري ، عن البخاري ، وقرأت عليه مصنف النسائي بسماعه من ابن مغيث ، قال : قرأته على مولى ابن الطلاع ، وأخبرنا به ابن الحذاء ، حدثنا أبو محمد بن أسد ، أخبرنا حمزة الكناني ، حدثنا النسائي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية