الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                البحث الثامن : في تزويج الوليين من رجلين ، وفي الكتاب : إذا زوجها هذا من كفء وهذا من كفء بعد توكيلهما : فالمعتبر : أولهما إن عرف ، إلا أن يدخل بها الآخر فهو أحق لقضاء عمر - رضي الله عنه - بذلك ، وقال الأئمة : الأول أحق بها مطلقا لما في أبي داود ، قال عليه السلام : ( أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما ) ، وجوابه : حمله على عدم دخول الثاني ، ولم يتعرض له الحديث جمعا بينه وبين ما ذكرناه ، وقد روي عن علي ، والحسن بن علي ، ومعاوية رضي الله عنهم أجمعين من غير مخالف فكان إجماعا ، فإن لم يدخل بها وجهل الأول فسخا جميعا لتعذر الجمع ، وإن قالت : هذا هو الأول ; لأن شهادتها غير مقبولة في النكاح ، قال اللخمي : قال ابن عبد الحكم : ليست للثاني وإن دخل لعدم قبول المحل له ، ولو عقدا معا من غير تقديم في مجلس واحد فسخا جميعا ، ولا يعتبر الدخول لعلمهما بالفساد ، وفي الجواهر : إن اتحد زمان العقد ترافعا ولم يشترط العلم ولا اتحاد المجلس ، قال اللخمي : قال محمد : [ ص: 254 ] إذا علم الأول فطلق أو مات قبل دخول الثاني ، ثم دخل الثاني وكان عقده قبل الموت أو الطلاق ولم يعلم حتى دخل ثبت ، وفات النظر ، كما لو دخل حالة الحياة ، ولا ميراث لها من الأول ، ولا عدة عليها ، وإن علم قبل الدخول ثم دخل فسخ ، واعتدت من الأول ليتيقن صحته ، وكذلك إذا طلق فإنه يفسخ ، وترد للأول ، وإن عقد الثاني بعد موت الأول أو طلاقه فيفسخ في الموت ; لأنه نكاح في عدة دون الطلاق ; لأنها في غير عدة ، قال محمد : ( وقال عبد الملك : فيما أظنه إن عقد الثاني بعد الطلاق الثلاث ثبت نكاحه بخلاف الوكيل فيفسخ ما لم يدخل ، قال محمد ) : وإن دخل الأخير والأول لم يثبت ولم يطلق فأقر القاضي أو الأب أو الوكيل أنه كان عالما بتزويج الأول لم يصدق إلا ببينة على إقراره قبل العقد الثاني فيفسخ بغير طلاق ; لأن الإقرار على الغير لا يسمع ، ولو أقر الثاني بعلمه بتقديم الأول قبل إقراره على نفسه وفسخ ، وكان لها الصداق كاملا من غير طلاق ، وقال محمد : بل بطلاق ، واعتراف الزوجة إذا لم يدخل واحد منهما فيه خلاف ، وفي الجواهر : حيث قلنا بالفسخ بطلاق ; لأنه مختلف فيه ، وقال محمد : بل موقوف إن تزوجها أحدهما لم يلزمه شيء ، ولزم الآخر لتحل للزوج ، وإن تزوجها غيرهما ، وقع عليهما .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال لو ماتت المرأة بعد تعيين المستحق لها منهما بدخول أو سبق ورثها ووجب الصداق عليه ، وإن جهل : ففي ثبوت الميراث قولان [ ص: 255 ] للمتأخرين نظرا للشك أو لا بد أن يكون أحدهما زوجا ، ويثبت الصداق حيث يثبت الميراث ; لأنهما أثران للعقد فيتلازمان ، وحيث ينبغي يكون عليه ما زاد على قدر الميراث ، فإن مات الزوجان أو أحدهما فلا ميراث ولا صداق ، والفرق أن كل واحد من ورثة الزوجين يقول لها : لم يتعين لك عندنا حق ; لاحتمال أن يكون الزوج هو الآخر ، ولا يقوم لها على واحد منهما حجة ، وتقوم الحجة على ورثتها فإنها موروثة قطعا ، وإنما التداعي بين الزوجين .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال إذا ادعى كل واحد منهما أنه الأول : فصدقت أحدهما ثبت لها الصداق بإقراره ولم يثبت لها الميراث ; لأنه إقرار على الغير باعتبار الميراث ، ولو شهدت لكل واحد منهما بينة أنه الأول : تساقطتا ، والمشهور : لا يرجح هاهنا بمزيد العدالة بخلاف البيع ; لأن النكاح لا يثبت بالشاهد واليمين ، وقال سحنون : يقضى بالأعدل ، واختاره عبد الحق عملا بالرجحان .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : تحرم على آبائه ، وأبنائه ; لأنه وطء شبهة .

                                                                                                                نظائر : قال أبو عمر : ست مسائل يفيتهن الدخول : مسألة الوليين ، وامرأة المفقود تتزوج بعد الأجل المضروب ، وقيل : لا سبيل له عليها مطلقا ، والعالمة بالطلاق دون الرجعة ، وامرأة المرتد وشك في كفره هل هو [ ص: 256 ] إكراه أو اختيار ثم يتبين الإكراه ، ومن أسلم على عشرة ثم اختار أربعا فوجدهن من ذوات محارم يختار من البواقي ما لم يدخل بهن أزواجهن ، وقيل : لا يفيتهن الدخول ، والمطلقة للغيبة ثم يقدم بحجته .

                                                                                                                وأربع لا يفيتهن الدخول : المنعي لها زوجها ثم تتبين حياته ، وقال إسماعيل : هو كالمفقود يفيتها الدخول ، والمطلقة للنفقة ثم تبين إسقاطها لها ، والقائل عائشة طالق ، وله امرأة حاضرة تسمى عائشة ( فقال لم أردها ولي أخرى تسمى عائشة ) بغير هذا البلد فطلقت هذه ثم تبين صدقه ، والأمة تختار نفسها ثم يتبين عتق زوجها قبلها ، وقيل : يفيتها ، زاد العبدي في الست الأول : التي تسلم وزوجها كافر فيفرق بينهما ثم تبين تقدم إسلامه عليها .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : من طلق امرأته الأمة فراجعها في سفره فوطئها السيد قبل علمه بالرجعة فلا رجعة له ; لأن وطأها بالملك كوطئها بالنكاح .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية