الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أو علقت بشرط صريح ملائم ) أي موافق للكفالة بأحد أمور ثلاثة : بكونه شرطا للزوم الحق ( نحو ) قوله ( إن استحق المبيع ) أو جحدك المودع أو غصبك كذا أو قتلك أو قتل ابنك أو صيدك فعلي الدية ورضي به المكفول جاز ، بخلاف إن أكلك سبع [ ص: 306 ] ( أو ) شرطا ( لإمكان الاستيفاء نحو إن قدم زيد ) فعلي ما عليه من الدين ، وهو معنى قوله ( وهو ) أي والحال أن زيدا ( مكفول عنه ) أو مضاربه أو مودعه أو غاصبه جازت الكفالة المتعلقة بقدومه لتوسله للأداء ( أو ) شرطا ( لتعذره ) أي الاستيفاء ( نحو إن غاب زيد عن المصر ) فعلي وأمثلته كثيرة ، فهذه جملة الشروط التي يجوز تعليق الكفالة بها

التالي السابق


( قوله : أو علقت بشرط صريح ) عطف على قوله بكفلت من حيث المعنى فإنه منجز ، فهو في معنى قولك إذا نجزت أو علقت إلخ ، والمراد بالصريح ما صرح به بأداة التعليق وهي إن أو إحدى أخواتها ، فدخل فيه بالأولى ما كان في معنى التعليق مثل على فإنه يسمى تقييدا بالشرط لا تعليقا محضا كما يعلم مما مر في بحث ما يبطل تعليقه ، أو المراد بالصريح ما قابل الضمني في قوله ما بايعت فلانا فعلي فإن المعنى إن بايعت كما في الفتح ، وقد عده في الهداية من أمثلة المعلق بالشرط فافهم .

( قوله : ملائم ) أي موافق من الملاءمة بالهمز وقد تقلب ياء .

( قوله : بأحد أمور ) متعلق بموافق والباء للسببية ط .

( قوله : بكونه شرطا إلخ ) بدل من أحد أمور بدل مفصل من مجمل ط .

وعبر في الفتح بدل الشرط بالسبب وقال فإن استحقاق المبيع سبب لوجود الثمن على البائع للمشتري .

( قوله : أو جحدك المودع ) ومثله إن أتلف لك المودع ، وكذا كل الأمانات كما قدمناه عن الفصولين .

( قوله : أو قتلك ) أي خطأ كما في الفتح عن الخلاصة ، وقدمناه عن الكافي ، وقدمنا أيضا عن عدة كتب أن الكفالة بالدية لا تصح فليتأمل .

( قوله : فعلى الدية ) أراد بها البدل فيشمل باقي الأمثلة .

( قوله : ورضي به المكفول ) أي المكفول له .

( قوله : بخلاف إن أكلك السبع ) لأن فعله غير مضمون لحديث " { جرح العجماء جبار } " [ ص: 306 ]

( قوله : أو شرطا لإمكان الاستيفاء إلخ ) أي لسهولة تمكن الكفيل من استيفاء المال من الأصيل .

قال في الفتح : فإن قدومه سبب موصل للاستيفاء منه .

( قوله : وهو معنى قوله ) أي ما ذكر من كون التقدير فعلى ما عليه من الدين هو معنى قوله وهو مكفول عنه .

( قوله : أو مضاربه ) الضمير فيه وفيما بعده يرجع إلى المكفول عنه ا هـ ح .

وقد أفاد أنه لا بد أن يكون قدوم زيد وسيلة للأداء في الجملة ، وإن لم يكن أصيلا ، بخلاف ما إذا كان أجنبيا من كل وجه وهذا ما حققه في النهر والرملي في حاشية البحر ردا على ما فهمه في البحر .

قلت : ومن أمعن النظر في كلام البحر لم يجده مخالفا لذلك بل مراده ما ذكر ، فإنه ذكر أولا أن كلام القنية شامل لكون زيد أجنبيا .

ثم قال : والحق أنه لا يلزم أن يكون مكفولا عنه لما في البدائع ; لأن قدومه وسيلة إلى الأداء في الجملة لجواز أن يكون مكفولا عنه أو مضاربه ا هـ .

ثم قال : وعبارة البدائع أزالت اللبس وأوضحت كل تخمين وحدس ا هـ ، فهذا ظاهر في أنه لم يرد الأجنبي من كل وجه تأمل .

( قوله : وأمثلته كثيرة ) منها ما في الدراية ضمنت كل ما لك على فلان إن توى ، وكذا إن مات ولم يدع شيئا فأنا ضامن ، وكذا إن حل ما لك على فلان ولم يوافك به فهو علي وإن حل ما لك على فلان أو إن مات فهو علي ، وقدمنا عن الخانية إن غاب ولم أوافك به فأنا ضامن لما عليه ، فهذا على أن يوافي به بعد الغيبة .

وعن محمد : إن لم يدفع مديونك أو إن لم يقضه فهو علي ، ثم إن الطالب تقاضى المطلوب فقال المديون لا أدفعه ولا أقضيه وجب على الكفيل الساعة .

وعنه أيضا إن لم يعطك فأنا ضامن فمات قبل أن يتقاضاه ويعطيه بطل الضمان ، ولو بعد التقاضي قال أنا أعطيك ، فإن أعطاه مكانه أو ذهب به إلى السوق أو منزله وأعطاه جاز ، وإن طال ذلك ولم يعطه لزم الكفيل .

وفي القنية : إن لم يؤد فلان ما لك عليه إلى ستة أشهر فأنا ضامن له يصح التعليق ; لأنه شرط متعارف نهر .

قلت : ويقع كثيرا في زماننا إن راح لك شيء عنده فأنا ضامن ، وهذا معنى قوله المار إن توى : أي هلك ، وسيأتي في الحوالة أن التوى عند الإمام لا يتحقق إلا بموته مفلسا .




الخدمات العلمية