الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عجز ]

                                                          عجز : العجز : نقيض الحزم عجز عن الأمر يعجز وعجز عجزا فيهما ورجل عجز وعجز : عاجز ، ومرة عاجز : عاجزة عن الشيء عن ابن الأعرابي ، وعجز فلان رأي فلان إذا نسبه إلى خلاف الحزم كأنه نسبه إلى العجز ، ويقال : أعجزت فلانا إذا ألفيته عاجزا ، والمعجزة والمعجزة : العجز ، قال سيبويه : هو المعجز والمعجز الكسر على النادر والفتح على القياس ; لأنه مصدر ، والعجز : الضعف تقول : عجزت عن كذا أعجز ، وفي حديث عمر : ولا تلثوا بدار معجزة ، أي : لا تقيموا ببلدة تعجزون فيها عن الاكتساب والتعيش ، وقيل : بالثغر مع العيال ، والمعجزة بفتح الجيم وكسرها مفعلة من العجز : عدم القدرة ، وفي الحديث : كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ، وقيل : أراد بالعجز ترك ما يحب فعله بالتسويف ، وهو عام في أمور الدنيا والدين ، وفي حديث الجنة : ما لي لا يدخلني إلا سقط الناس وعجزهم . جمع عاجز كخادم وخدم يريد الأغبياء العاجزين في أمور الدنيا ، وفحل عجيز : عاجز عن الضراب كعجيس ، قال ابن دريد : فحل عجيز وعجيس إذا عجز عن الضراب قال الأزهري وقال أبو عبيد في باب العنين : هو العجير بالراء الذي لا يأتي النساء قال الأزهري : وهذا هو الصحيح وقال الجوهري : العجيز الذي لا يأتي النساء بالزاي والراء جميعا ، وأعجزه الشيء : عجز عنه ، والتعجيز : التثبيط وكذلك إذا نسبته إلى العجز ، وعجز الرجل وعاجز : ذهب فلم يوصل إليه ، وقوله تعالى في سورة سبأ : والذين سعوا في آياتنا معاجزين ، قال الزجاج : معناه ظانين أنهم يعجزوننا ; لأنهم ظنوا أنهم لا يبعثون وأنه لا جنة ولا نار ، وقيل : في التفسير : معاجزين معاندين وهو راجع إلى الأول وقرئت معجزين ، وتأويلها أنهم يعجزون من اتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - ويثبطونهم عنه وعن الإيمان بالآيات ، وقد أعجزهم ، وفي التنزيل العزيز : وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء ، قال الفراء : يقول [ ص: 43 ] القائل كيف وصفهم بأنهم لا يعجزون في الأرض ولا في السماء وليسوا في أهل السماء ؟ فالمعنى : ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا من في السماء بمعجز ، وقال أبو إسحاق : معناه - والله أعلم - ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا لو كنتم في السماء ، وقال الأخفش : معناه ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء ، أي : لا تعجزوننا هربا في الأرض ولا في السماء ، قال الأزهري : وقول الفراء أشهر في المعنى ولو كان قال : ولا أنتم لو كنتم في السماء بمعجزين لكان جائزا ، ومعنى الإعجاز الفوت والسبق ، يقال : أعجزني فلان ، أي : فاتني ومنه قول الأعشى :


                                                          فذاك ولم يعجز من الموت ربه ولكن أتاه الموت لا يتأبق



                                                          وقال الليث : أعجزني فلان إذا عجزت عن طلبه وإدراكه ، وقال ابن عرفة في قوله تعالى : ( معاجزين ) ، أي : يعاجزون الأنبياء وأولياء الله ، أي : يقاتلونهم ويمانعونهم ليصيروهم إلى العجز عن أمر الله ، وليس يعجز الله - جل ثناؤه - خلق في السماء ولا في الأرض ولا ملجأ منه إلا إليه ، وقال أبو جندب الهذلي :


                                                          جعلت عزان خلفهم دليلا     وفاتوا في الحجاز ليعجزوني



                                                          وقد يكون أيضا من العجز ، ويقال : عجز يعجز عن الأمر إذا قصر عنه ، وعاجز إلى ثقة : مال إليه ، وعاجز القوم : تركوا شيئا وأخذوا في غيره ، ويقال : فلان يعاجز عن الحق إلى الباطل ، أي : يلجأ إليه ، ويقال : هو يكارز إلى ثقة مكارزة إذا مال إليه ، والمعجزة : واحدة معجزات الأنبياء - عليهم السلام - وأعجاز الأمور : أواخرها ، وعجز الشيء وعجزه وعجزه وعجزه وعجزه : آخره يذكر ويؤنث ، قال أبو خراش يصف عقابا :


                                                          بهيما غير أن العجز منها     تخال سراته لبنا حليبا



                                                          وقال اللحياني : هي مؤنثة فقط ، والعجز : ما بعد الظهر منه ، وجميع تلك اللغات تذكر وتؤنث ، والجمع أعجاز لا يكسر على غير ذلك ، وحكى اللحياني : إنها لعظيمة الأعجاز ، كأنهم جعلوا كل جزء منه عجزا ثم جمعوا على ذلك ، وفي كلام بعض الحكماء : لا تدبروا أعجاز أمور قد ولت صدورها ، جمع عجز وهو مؤخر الشيء يريد بها أواخر الأمور وصدورها ، يقول : إذا فاتك أمر فلا تتبعه نفسك متحسرا على ما فات وتعز عنه متوكلا على الله عز وجل ، قال ابن الأثير : يحرض على تدبر عواقب الأمور قبل الدخول فيها ولا تتبع عند توليها وفواتها ، والعجز في العروض : حذفك نون " فاعلاتن " لمعاقبتها ألف " فاعلن " هكذا عبر الخليل عنه ففسر الجوهر الذي هو العجز بالعرض الذي هو الحذف وذلك تقريب منه ، وإنما الحقيقة أن تقول : العجز النون المحذوفة من " فاعلاتن " لمعاقبة ألف " فاعلن " أو تقول : التعجيز حذف نون لمعاقبة " فاعلاتن " ألف " فاعلن " وهذا كله إنما هو في المديد ، وعجز بيت الشعر : خلاف صدره ، وعجز الشاعر : جاء بعجز البيت ، وفي الخبر : أن الكميت لما افتتح قصيدته التي أولها :


                                                          ألا حييت عنا يا مدينا



                                                          أقام برهة لا يدري بما يعجز على هذا الصدر إلى أن دخل حماما وسمع إنسانا دخله فسلم على آخر فيه فأنكر ذلك عليه فانتصر بعض الحاضرين له ؛ فقال : وهل بأس بقول المسلمين ؟ فاهتبلها الكميت فقال :


                                                          وهل بأس بقول مسلمينا

                                                          ؟

                                                          وأيام العجوز عند العرب خمسة أيام : صن وصنبر وأخيهما وبر ومطفئ الجمر ومكفئ الظعن ، قال ابن كناسة : هي من نوء الصرفة ، وقال أبو الغوث : هي سبعة أيام وأنشد لابن أحمر :


                                                          كسع الشتاء بسبعة غبر     أيام شهلتنا من الشهر
                                                          فإذا انقضت أيامها ومضت     صن وصنبر مع الوبر
                                                          وبآمر وأخيه مؤتمر     ومعلل وبمطفئ الجمر
                                                          ذهب الشتاء موليا عجلا     وأتتك واقدة من النجر



                                                          قال ابن بري : هذه الأبيات ليست لابن أحمر ، وإنما هي لأبي شبل الأعرابي كذا ذكره ثعلب عن ابن الأعرابي ، وعجيزة المرأة : عجزها ، ولا يقال للرجل إلا على التشبيه ، والعجز لهما جميعا ، ورجل أعجز وامرأة عجزاء ومعجزة : عظيما العجيزة ، وقيل : لا يوصف به الرجل ، وعجزت المرأة تعجز عجزا وعجزا بالضم : عظمت عجيزتها والجمع عجيزات ولا يقولون : عجائز مخافة الالتباس ، وعجز الرجل : مؤخره وجمعه الأعجاز ويصلح للرجل والمرأة ، وأما العجيزة فعجيزة المرأة خاصة ، وفي حديث البراء - رضي الله عنه - : أنه رفع عجيزته في السجود ، قال ابن الأثير : العجيزة العجز وهي للمرأة خاصة فاستعارها للرجل ، قال ثعلب : سمعت ابن الأعرابي يقول : لا يقال عجز الرجل بالكسر إلا إذا عظم عجزه ، والعجزاء : التي عرض بطنها وثقلت مأكمتها فعظم عجزها ، قال :


                                                          هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة     تمت فليس يرى في خلقها أود



                                                          وتعجز البعير : ركب عجزه ، روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : لنا حق إن نعطه نأخذه وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل ، وإن طال السرى ؛ أعجاز الإبل : مآخيرها والركوب عليها شاق ؛ معناه إن منعنا حقنا ركبنا مركب المشقة صابرين عليه وإن طال الأمد ولم نضجر منه مخلين بحقنا ، قال الأزهري : لم يرد علي - رضي الله عنه - بقوله هذا ركوب المشقة ، ولكنه ضرب أعجاز الإبل مثلا لتقدم غيره عليه وتأخيره إياه عن حقه ، وزاد ابن الأثير : عن حقه الذي كان يراه له وتقدم غيره وأنه يصبر على ذلك ، وإن طال أمده فيقول : إن [ ص: 44 ] قدمنا للإمامة تقدمنا ، وإن منعنا حقنا منها وأخرنا عنها صبرنا على الأثرة علينا ، وإن طالت الأيام ، قال ابن الأثير : وقيل : يجوز أن يريد وإن طالت الأيام ، قال ابن الأثير : وقيل : يجوز أن يريد وإن نمنعه نبذل الجهد في طلبه ، فعل من يضرب في ابتغاء طلبته أكباد الإبل ، ولا نبالي باحتمال طول السرى ، قال : والوجه ما تقدم ; لأنه سلم وصبر على التأخر ، ولم يقاتل وإنما قاتل بعد انعقاد الإمامة له ، وقال رجل من ربيعة بن مالك : إن الحق بقبل فمن تعداه ظلم ومن قصر عنه عجز ومن انتهى إليه اكتفى ، قال : لا أقول عجز إلا من العجيزة ومن العجز عجز ، وقوله بقبل ، أي : واضح لك حيث تراه وهو مثل قولهم إن الحق عاري ، وعقاب عجزاء : بمؤخرها بياض أو لون مخالف ، وقيل : هي التي في ذنبها مسح ، أي : نقص وقصر ، كما قيل : للذنب أزل ، وقيل : هي التي في ذنبها ريشة بيضاء أو ريشتان ، وقيل : هي الشديدة الدائرة ، قال الأعشى :


                                                          وكأنما تبع الصوار بشخصها     عجزاء ترزق بالسلي عيالها



                                                          والعجز : داء يأخذ الدواب في أعجازها فتثقل لذلك ، الذكر أعجز والأنثى عجزاء ، والعجازة والإعجازة : ما تعظم به المرأة عجيزتها ، وهي شيء شبيه بالوسادة تشده المرأة على عجزها لتحسب أنها عجزاء ، والعجزة وابن العجزة : آخر ولد الشيخ وفي الصحاح : العجزة بالكسر آخر ولد الرجل ، وعجزة الرجل : آخر ولد يولد له ، قال :


                                                          واستبصرت في الحي أحوى أمردا     عجزة شيخين يسمى معبدا



                                                          يقال : فلان عجزة ولد أبويه ، أي : آخرهم ، وكذلك كبرة ولد أبويه ، والمذكر والمؤنث والجمع والواحد في ذلك سواء ، ويقال : ولد لعجزة ، أي : بعدما كبر أبواه ، والعجازة : دابرة الطائر وهي الأصبع المتأخرة ، وعجز هوازن : بنو نصر بن معاوية وبنو جشم بن بكر كأنه آخرهم ، وعجز القوس وعجزها ومعجزها : مقبضها ، حكاه يعقوب في المبدل ذهب إلى أن زايه بدل من سينه ، وقال أبو حنيفة : هو العجز والعجز ولا يقال معجز ، وقد حكيناه نحن عن يعقوب ، وعجز السكين : جزأتها عن أبي عبيد ، والعجوز والعجوزة من النساء : الشيخة الهرمة ، الأخيرة قليلة والجمع عجز وعجز وعجائز ، وقد عجزت تعجز وتعجز عجزا وعجوزا وعجزت تعجز تعجيزا : صارت عجوزا وهي معجز والاسم العجز ، وقال يونس : امرأة معجزة طعنت في السن ، وبعضهم يقول : عجزت بالتخفيف ، قال الأزهري : والعرب تقول لامرأة الرجل وإن كانت شابة : هي عجوزه وللزوج وإن كان حدثا : هو شيخها وقال : قلت لامرأة من العرب : حالبي زوجك فتذمرت وقالت : هلا قلت حالبي شيخك ، ويقال للرجل عجوز وللمرأة عجوز ، ويقال : اتقي الله في شيبتك وعجزك ، أي : بعدما تصيرين عجوزا ، قال ابن السكيت : ولا تقل : عجوزة ، والعامة تقوله ، وفي الحديث : إن الجنة لا يدخلها العجز وفيه : إياكم والعجز العقر قال ابن الأثير : العجز جمع عجوز وعجوزة وهي المرأة الكبيرة المسنة والعقر جمع عاقر وهي التي لا تلد ، ونوى العجوز : ضرب من النوى هش تأكله العجوز للينه ، كما قالوا : نوى العقوق وقد تقدم ، والعجوز : الخمر لقدمها قال الشاعر :


                                                          ليته جام فضة من هدايا     ه سوى ما به الأمير مجيزي
                                                          إنما أبتغيه للعسل المم     زوج بالماء لا لشرب العجوز



                                                          وفي التهذيب : يقال للخمر إذا عتقت عجوز ، والعجوز : القبلة ، والعجوز : البقرة ، والعجوز : نصل السيف قال أبو المقدام :


                                                          وعجوز رأيت في فم كلب     جعل الكلب للأمير حمالا



                                                          الكلب : ما فوق النصل من جانبيه حديدا كان أو فضة ، وقيل : الكلب مسمار في قائم السيف ، وقيل : هو ذؤابته ، ابن الأعرابي : الكلب مسمار مقبض السيف ، قال : ومعه الآخر يقال له العجوز ، والعجزاء : حبل من الرمل منبت ، وفي التهذيب : العجزاء من الرمال حبل مرتفع كأنه جلد ليس بركام رمل وهو مكرمة للنبت والجمع العجز ; لأنه نعت لتلك الرملة ، والعجوز : رملة بالدهناء قال يصف دارا :


                                                          على ظهر جرعاء العجوز كأنها     دوائر رقم في سراة قرام



                                                          ورجل معجوز ومشفوه ومعروك ومنكود إذا ألح عليه في المسألة عن ابن الأعرابي ، والعجز : طائر يضرب إلى الصفرة يشبه صوته نباح الكلب الصغير يأخذ السخلة فيطير بها ويحتمل الصبي الذي له سبع سنين ، وقيل : الزمج وجمعه عجزان ، وفي الحديث : أنه قدم على النبي صاحب كسرى فوهب له معجزة فسمي ذا المعجزة هي بكسر الميم المنطقة بلغة اليمن ، قال : وسميت بذلك ; لأنها تلي عجز المتنطق بها ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية