الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهل يضمن شاكيه لمغرم [ ص: 127 ] زائدا على قدر الرسول إن ظلم ، أو الجميع ، أو لا ؟ أقوال

التالي السابق


( و ) إن شكا المغصوب منه غاصبه لظالم فغرمه زائدا عما يجب عليه غرمه ف ( هل يضمن ) مغصوب منه ( شاكيه ) أي الغاصب ( ل ) شخص ( مغرم ) بضم الميم وفتح [ ص: 127 ] الغين المعجمة وكسر الراء صلة شاكي وفتحها صلة يضمن مالا ( زائدا على قدر ) أجرة ( الرسول ) الذي يجلبه للقاضي ( إن ظلم ) الشاكي في شكواه بأن وجد حاكما منصفا واشتكاه إلى الظالم عالما بأنه يتجاوز الحد الشرعي ويغرمه زائدا عما يلزمه غرمه ، وبه أفتى بعض شيوخ ابن يونس . ومفهوم إن ظلم أنه إن لم يظلم في شكواه بأن لم يمكنه أخذ حقه إلا بشكواه للظالم فلا يغرم الزائد على قدر أجرة الرسول ، ويغرم أجرته فقط لأنها على الطالب .

( أو ) يضمن الشاكي لمغرم الظالم ( الجميع ) أي جميع ما غرمه الظالم للمشكو ابن يونس به أفتى بعض شيوخنا وإن لم يظلم في شكواه فلا يضمن شيئا أصلا ( أو لا ) يضمن للشاكي شيئا مطلقا ، وإن ظلم في شكواه وإن أثم وأدب إن ظلم وعليه كثير في الجواب ( أقوال ) ثلاثة . " ق " ابن يونس اختلف في تضمين من اعتدى على رجل فقدمه إلى السلطان والمعتدي يعلم أنه إذا قدمه إليه يتجاوز في ظلمه ، ويغرمه ما لا يجب عليه كثير منهم عليه الأدب ، وقد أثم ، وكان بعض شيوخنا يفتي في مثل هذا إذا كان هذا الساعي إلى السلطان الظالم أو العامل وهو ظالم له في شكواه فإنه ضامن لما أغرمه الوالي بغير حق ، وإن كان الساعي مظلوما ولم يقدر أن ينتصف ممن ظلمه إلا بالسلطان فشكاه فأغرمه السلطان وعدا عليه ظلما فلا شيء على الشاكي لأن الناس يلجئون من الظلمة إلى السلطان ، ويلزم السلطان متى قدر عليه رد ما أغرم الشاكي ظلما ، وكذلك ما أغرمت الرسل إلى المشكي وهو مثل ما أغرمه السلطان أو الوالي يفرق فيه بين ظلم الشاكي وعدمه ، وكان بعض أصحابنا يفتي بأن ينظر إلى القدر الذي لو استأجر الشاكي رجلا في إحضار المشكي ، فذلك على الشاكي على كل حال ، وما زاد على ذلك مما أغرمته الرسل فيفرق فيه بين الظالم والمظلوم حسبما قدمناه . " غ " زائدا مفعول يضمن ، وفاعل ظلم الشاكي .

ومفهوم الشرط إن لم يظلم لم يغرم زائدا على قدر أجرة الرسول فقط قوله أو الجميع أي أو يضمن إن ظلم جميع المغرم من قدر أجرة الرسول والزائد . ومفهوم الشرط أنه إن [ ص: 128 ] لم يظلم لا يغرم القدر ولا الزائد ، وبهذا يتضح الفرق بين القولين قوله أولا ، أي أو لا يضمن الشاكي الظالم شيئا فأحرى إن لم يظلم فهذا مفهوم موافقة واللذان قبله مفهوما مخالفة ، فقد اشتمل كلامه على أقوال ابن يونس الثلاثة . وأما ابن عرفة فكأنه اقتصر على طريقة المازري ، ونصه المازري في ضمان المتسبب في إتلاف بقوله كصيرفي ، قال فيما علمه زائفا طيبا وكخبر من أراد صب زيت في إناء علمه مكسورا بأنه صحيح ، وكدال ظالما على ما أخفاه ربه عنه قولان ، وعزاهما أبو محمد للمتأخرين .

المازري كقول أشهب وابن القاسم في لزوم الجزاء من دل محرما على صيد فقتله بدلالته ، ولو شكا رجل رجلا لظالم لم يعلم أنه يتجاوز الحق في المشكو أو يغرمه مالا والمظلوم لا تباعة للشاكي عليه ، ففي ضمان الشاكي ما غرمه المشكو قولان ، وثالثها قال بعض أصحابنا لا ضمان عليه إن كان مظلوما . الحط انظر إذا شكاه لظالم لا يتوقف في قتل النفس فضربه حتى مات ، فهل يلزم الشاكي شيء أم لا ا هـ . قلت الظاهر أن هذه من جزئيات قوله كحر باعه إلخ ، فقد قالوا لا مفهوم للبيع ، بل كل من فعل بحر فعلا تعذر عوده معه ، فهذا حكمه والله أعلم . .




الخدمات العلمية