الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن الجد

                                                                                      الشيخ الإمام ، العلامة ، الحافظ ، الفقيه ، الخطيب الأفوه أبو بكر محمد بن عبد الله بن يحيى بن فرج بن الجد الفهري اللبلي ، ثم الإشبيلي المالكي .

                                                                                      [ ص: 178 ] ولد سنة ست وتسعين وأربعمائة .

                                                                                      وسمع بقرطبة أبا محمد بن عتاب ، وأبا بحر بن العاص ، وأبا الوليد بن رشد في سنة خمس عشرة وخمسمائة . وبإشبيلية أبا بكر بن العربي ، وأبا الحسن شريح بن محمد ، لكنه امتنع من الرواية عنهما . وبحث " سيبويه " على أبي الحسن بن الأخضر ، وأخذ عنه كتب اللغة .

                                                                                      وسمع " صحيح مسلم " من أبي القاسم الهوزني .

                                                                                      حدث عنه : محمد بن عبيد الله الشريشي ، وأبو الحسين محمد بن محمد بن زرقون ، ومحمد بن علي بن الغزال ، وأبو علي الشلوبين ، وأبو الخطاب بن دحية ، ويحيى بن أحمد السكوني اللبلي ، وعدد كثير . وكان كبير الشأن ، انتهت إليه رئاسة الحفظ في الفتيا ، وقدم للشورى من سنة إحدى وعشرين ، وعظم جاهه ، ونال دنيا عريضة ، ولم يكن يدري فن الحديث ، لكنه عالي الإسناد فيه . وكان أحد الفصحاء البلغاء ، امتحن في كائنة لبلة ، وقيد وسجن . وكان فقيه عصره ، تخرج به أئمة .

                                                                                      مات في شوال سنة ست وثمانين وخمسمائة .

                                                                                      قال أبو الربيع بن سالم : ومن أعيان شيوخي الإمام الحافظ الصدر الكبير أبو بكر بن الجد ، فقيه الأندلس ، وحافظها ، وزعيمها غير منازع ، ولا مدافع ، انتهت إليه رئاسة الفقه أزيد من ستين سنة مع الجلالة التي تجاوز مداها ، والخلال التي التزم أهداها ، وكان في غزارة الحفظ ، ومتانة مادة العلم عبرة من العبر ، وآية من الآيات ، سمعت عليه " جامع الترمذي " ، [ ص: 179 ] وأشياء -رحمه الله .

                                                                                      وذكره ابن رشيد ، فقال : بحر الفقه وحبره ، وفقيه الأندلس في وقته ، وحافظ المذهب ، لا يدانيه أحد ، مع الذهن الثاقب وسرعة الجواب ، والبراعة في العربية ، وقد حلف أبو بكر محمد بن علي التجيبي أن ابن الجد أحفظ من ابن القاسم ، وقد أكثر عن أبي الحسن بن الأخضر ، ومع إمامته قل ما صنف .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية