الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3093 حدثنا مسدد حدثنا يحيى ح و حدثنا محمد بن بشار حدثنا عثمان بن عمر قال أبو داود وهذا لفظ ابن بشار عن أبي عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت قلت يا رسول الله إني لأعلم أشد آية في القرآن قال أية آية يا عائشة قالت قول الله تعالى من يعمل سوءا يجز به قال أما علمت يا عائشة أن المؤمن تصيبه النكبة أو الشوكة فيكافأ بأسوإ عمله ومن حوسب عذب قالت أليس الله يقول فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذاكم العرض يا عائشة من نوقش الحساب عذب قال أبو داود وهذا لفظ ابن بشار قال حدثنا ابن أبي مليكة [ ص: 273 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 273 ] ( قال ) : أي رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعمل سوءا يجز به قال الحسن : هذا في حق الكفار خاصة لأنهم يجازون بالعقاب على الصغير والكبير ولا يجزى المؤمن بسيئ عمله يوم القيامة ولكن يجزى بأحسن عمله ويتجاوز عن سيئاته . ويدل على صحة هذا القول سياق الآية وهو قوله ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا وهذا هو الكافر ، فأما المؤمن فله ولي ونصير . وقال آخرون : هذه الآية في حق كل من عمل سوءا من مسلم ونصراني وكافر . قال ابن عباس : هي عامة في حق كل من عمل سوءا يجز به إلا أن يتوب قبل أن يموت فيتوب الله عليه .

                                                                      وقال ابن عباس في رواية أبي صالح عنه : لما نزلت هذه الآية شقت على المسلمين مشقة شديدة ، وقالوا يا رسول الله وأينا من لم يعمل سوءا غيرك فكيف الجزاء ؟ قال : منه ما يكون في الدنيا ، فمن يعمل حسنة فله عشر حسنات ، ومن جوزي بالسيئة نقصت واحدة من عشر حسناته وبقيت له تسع حسنات ، فويل لمن غلبت آحاده أعشاره . وأما من كان جزاؤه في الآخرة فيقابل بين حسناته وسيئاته فيلقى مكان كل سيئة حسنة ، وينظر في الفضل فيعطى الجزاء في الجنة فيؤتى كل ذي فضل فضله . قاله في تفسير الخازن ( قال ) : أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( النكبة ) : بفتح نون وسكون كاف ما يصيب الإنسان من الحوادث ( فيكافأ ) : بصيغة المجهول أي المسلم ( ذاكم العرض ) : أي عرض الأعمال ، كأنه أشار بجمع الخطاب إلى أن معرفة مثله لا ينبغي أن يختص بأحد دون أحد ، بل اللائق بحال الكل أن يعرفوا مثل هذه الفوائد واللطائف انتهى ( قال أخبرنا ابن أبي مليكة ) : أي قال محمد بن بشار في روايته [ ص: 274 ] عن أبي عامر الخزاز حدثنا ابن أبي مليكة بصيغة التحديث وأما مسدد فروى بصيغة العنعنة .

                                                                      قال المنذري : والحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما " أليس يقول الله عز وجل " وما بعده إلى آخر الحديث قبضتهما .




                                                                      الخدمات العلمية