الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن أنفذت وصية مستحق برق : [ ص: 185 ] لم يضمن وصي وحاج : إن عرف بالحرية ، وأخذ السيد ما بيع ، ولم يفت بالثمن : كمشهود بموته ، إن عذرت بينته ، وإلا فكالغاصب ، وما فات ، فالثمن : كما لو دبر ، أو كبر صغير .

التالي السابق


( وإن ) نزل عبد ببلد مدعيا الحرية وأوصى بتفرقة مال وحج عنه ثم مات و ( أنفذت ) بضم الهمز وكسر الفاء ( وصية ) شخص ( مستحق ) بفتح الحاء المهملة ( برق ) لشخص [ ص: 185 ] بعد موته صورتها أن شخصا نزل ببلد وادعى أنه حر وأوصى بوصية ومات فأنفدت وصيته ثم استحقه شخص برقبته له ( لم يضمن وصي ) أنفذ وصيته بعد موته لمستحقه ما أنفذه وصرفه في مصرفه ( و ) لم يضمن شخص ( حاج ) حج نيابة عنه بأجرة بإيصائه به ما أنفقه في حجه ( إن عرف ) بضم فكسر المستحق بالفتح بالحرية بين الناس . ومفهوم الشرط أنه إن لم يعرف بها يضمن الوصي والحاج لتصرفه في مال مستحق بالكسر بلا إذن ، وهو كذلك نص عليه الباجي .

( وأخذ السيد ) استحق بكسر الحاء ما وجده من تركته لم يبع و ( ما بيع ) منها ( ولم يفت ) بيد مشتريه ، وصلة أخذ ( بالثمن ) الذي بيع به فيدفعه لمشتريه ، وشبه في النفوذ فقال ( ك ) شخص ( مشهود بموته ) في غيبته بيعت تركته من رقيق وغيره وتزوجت زوجته ثم قدم حيا فينفذ بيع ما فات ( إن عذرت بينته ) الشاهدة بموته بأن رأته صريعا في معركة القتلى ، وترد له زوجته ويأخذ ما وجده من متاعه لم يبع ، وما بيع ولم يفت له أخذه بالثمن ، وما فات عند مبتاعه بتغير بدنه أو عتقه أو كتابته أو تدبيره أو إيلاده مضى بيعه ويرجع بثمنه على من قبضه ( وإلا ) أي وإن لم تعذر بينته بأن تعمدت الزور ( ف ) المشتري متاعه ( كالغاصب ) في تخيير المالك بين أخذ شيئه وإجازة بيعه وأخذ ثمنه . وذكر مفهوم ولم يفت فقال ( وما فات ) من متاع من مات معروفا بالحرية ثم استحق برقبته بيد مبتاعه نفذ بيعه ( فالثمن ) الذي بيع به ( له ) أي المستحق يرجع به على البائع ، ومثل للفوات فقال ( كما لو دبر ) المشتري الرقيق أو كاتبه أو أعتقه ( أو كبر ) بكسر الباء ( صغير ) عند المشتري .

" ق " فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى من أوصى [ ص: 186 ] بحج أو غيره ثم مات فبيعت تركته وأنفذت وصيته ثم استحقت رقبته ، فإن كان معروفا بالحرية فلا يضمن الوصي ولا متولي الحج شيئا ، ويأخذ السيد ما وجده قائما من تركته لم يبع ، وما بيع وهو قائم بيد مبتاعه فلا يأخذه السيد إلا بثمنه ، ويرجع بالثمن على البائع ، وكذلك قال فيمن شهد بموته بينة فبيعت تركته وتزوجت زوجته ثم قدم حيا ، فإن ذكر الشهود ما يعذرون به في دفع الكذب عنهم مثل رؤيته في معركة القتلى صريعا فينظرون موته أو مطعونا ، ولم يتبين لهم حياته ، أو شهدوا على شهادة غيرهم فهذا ترد إليه زوجته ، وليس له من متاعه إلا ما وجده لم يبع ، وما بيع فهو أحق به بالثمن إن وجده قائما .

وأما إن فاتت عينه بيد مبتاعه أو تغير عن حاله في بدنه أو فات بعتق أو تدبير أو كتابة أو إيلاد من المشتري أو كبر صغير فإنما له الرجوع بالثمن على من باع ذلك كله ، فإن لم تأت البينة بما تعذر به من شبهة دخلت عليهم فذلك كتعمدهم الزور ، فليأخذ متاعه حيث وجده ، وإن شاء أخذ الثمن الذي بيع به وترد إليه زوجته ، وله أخذ ما أعتق من عبد أو كوتب أو دبر أو كبر أو أمة أو ولدت فليأخذها وقيمة ولدها من المبتاع يوم الحكم كالمغصوبة يجدها بيد مشتر .

ابن يونس يشبه هذه المسألة مسألة من باع الحاكم متاعه في دين ثبت عليه في غيبته ثم قدم وأقام بينة بأنه كان دفعه فلا يأخذ شيئا من متاعه الذي بيع حتى يدفع ثمنه لمبتاعه . ابن يونس أعرف أن كل ما باعه الإمام يظنه لرجل ، فإذا هو لغيره فربه أحق به بالثمن أصله ما بيع في المغانم .البناني وبنصها المتقدم يظهر لك أن قول المصنف وإلا فكالغاصب فيه نظر ، سواء أعدته لمن وجد المتاع عنده أو للمتصرف في المال . أما الأول فلم يجعله فيها كالغاصب كما رأيت إذ لو كان كهو لحد ، ولم يلحق الولد به ، بل هو كالمشتري من الغاصب ، ولذا ألحق الولد به وحكمه فيها بأخذ الأمة ، وقيمة الولد جار على القول المرجوع عنه ، إذ هو الذي أخذ به ابن القاسم كما تقدم . وأما الثاني فكذلك ، ولا يلزم من قولها كالمغصوبة يجدها بيد المشتري . الحكم بأنه غاصب ، فلو قال المصنف وإلا فكالمشتري من الغاصب لأجاد ، والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية