الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن الشهرزوري

                                                                                      الإمام قاضي القضاة كمال الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله بن [ ص: 58 ] القاسم بن مظفر بن علي ، ابن الشهرزوري الموصلي الشافعي ، بقية الأعلام .

                                                                                      مولده سنة إحدى وتسعين وأربعمائة .

                                                                                      وسمع من جده لأمه علي بن أحمد بن طوق ، وأبي البركات بن خميس ، وببغداد من نور الهدى الزينبي ، وطائفة .

                                                                                      وكان والده أحد علماء زمانه يلقب بالمرتضى ، تفقه ببغداد ، ووعظ ، وله نظم فائق ، وفضائل ، وولي قضاء الموصل ، وهو القائل :

                                                                                      يا ليل ما جئتكم زائرا إلا وجدت الأرض تطوى لي ولا ثنيت العزم عن بابكم إلا تعثرت بأذيالي

                                                                                      مات سنة إحدى عشرة وخمسمائة كهلا .

                                                                                      وكمال الدين حدث عنه : ابنا صصرى والشيخ الموفق ، والبهاء عبد الرحمن ، وأبو محمد بن الأخضر ، والقاضي شمس الدين عمر بن [ ص: 59 ] المنجى وآخرون .

                                                                                      وشيخه في الفقه أسعد الميهني .

                                                                                      ولي قضاء بلده ، وذهب في الرسلية من صاحب الموصل زنكي الأتابك ، ثم وفد على ولد زنكي نور الدين ، فبالغ في احترامه بحلب ، ونفذه رسولا إلى المقتفي .

                                                                                      وقد أنشأ بالموصل مدرسة وبطيبة رباطا .

                                                                                      ثم إنه ولي قضاء دمشق لنور الدين ، ونظر الأوقاف ، ونظر الخزانة ، وأشياء ، فاستناب ابنه أبا حامد بحلب ، وابن أخيه أبا القاسم بحماة ، وابنه الآخر في قضاء حمص .

                                                                                      وقال ابن عساكر : ولي قضاء دمشق سنة 555 وكان أديبا ، شاعرا ، فكه المجلس ، يتكلم في الأصول كلاما حسنا ، ووقف وقوفا كثيرة ، وكان خبيرا بالسياسة وتدبير الملك .

                                                                                      وقال أبو الفرج ابن الجوزي كان رئيس أهل بيته ، بنى مدرسة بالموصل ، ومدرسة بنصيبين ، وولاه نور الدين القضاء ، ثم استوزره . ورد رسولا ، فقيل إنه كتب قصة عليها محمد بن عبد الله الرسول ، فكتب المقتفي : -صلى الله عليه وسلم- .

                                                                                      وقال سبط ابن الجوزي لما جاء الشيخ أحمد بن قدامة والد [ ص: 60 ] الشيخ أبي عمر إلى دمشق ، خرج إليه أبو الفضل ، ومعه ألف دينار ، فعرضها عليه ، فأبى ، فاشترى بها الهامة ووقفها على المقادسة .

                                                                                      قال : وقدم السلطان صلاح الدين سنة سبعين ، فأخذ دمشق ، ونزل بدار العقيقي ، ثم إنه مشى إلى دار القاضي كمال الدين ، فانزعج ، وأسرع لتلقيه ، فدخل السلطان ، وباسطه ، وقال : طب نفسا ، فالأمر أمرك ، والبلد بلدك .

                                                                                      ولما توفي كمال الدين ، رثاه ولده محيي الدين بقصيدة أولها-وكان بحلب - :

                                                                                      ألموا بسفحي قاسيون وسلموا     على جدث بادي السنا وترحموا
                                                                                      وأدوا إليه عن كئيب تحية     مكلفكم إهداءها القلب والفم

                                                                                      قلت : توفي في سادس المحرم سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية