الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي التلخيص : لو كفل الحال مؤجلا تأخر عن الأصيل ولو قرضا ; لأن الدين واحد .

قلت : وقدمنا أنها حيلة تأجيل القرض وسيجيء أن للمديون السفر قبل حلول الدين ، وليس للدائن منعه ولكن يسافر معه فإذا حل منعه ليوفيه .

واستحسن أبو يوسف أخذ كفيل شهرا لامرأة طلبت كفيلا بالنفقة لسفر الزوج وعليه الفتوى ، وقاس عليه في المحيط بقية الديون لكنه مع الفارق كما في شرح الوهبانية للشرنبلالي ، لكن في المنظومة المحبية : [ ص: 336 ] لو قال مديوني مراده السفر وأجل الدين عليه ما استقر     وطلب التكفيل قالوا يلزم
عليه إعطاء كفيل يعلم     لو حبس الكفيل قالوا جاز له
إذا أراد حبس من قد كفله     لأنه قد كان ذا لأجله
حبس فليجازه بفعله     ثم الكفيل إن يمت قبل الأجل
لا شك أن الدين في ذا الحال حل     عليه فالوارث إن أداه لم
يرجع به من قبل ما التأجيل تم

التالي السابق


( قوله : وفي التلخيص إلخ ) قدمنا عند قوله ولو أبرأ الأصيل أو أخر عنه برئ الكفيل ، ولا ينعكس أن هذا مخالف لما في كل الكتب ، ولا يجوز العمل به بل يتأخر عن الكفيل فقط دون الأصيل .

( قوله : وقدمنا ) أي قبيل فصل القرض ، وذكرنا هناك أيضا ما فيه كفاية .

( قوله : وسيجيء ) أي في فصل الحبس من كتاب القضاء .

( قوله : وليس للدائن منعه إلخ ) وكذا ليس له أن يطالبه بإعطاء الكفيل وإن قرب حلول الأجل كما في الأقضية .

وذكر في المنتقى يطالبه بإعطاء الكفيل وإن كان الدين مؤجلا ، وتمامه في التاسع والعشرين من نور العين وفصل في القنية بأنه إن عرف المديون بالمطل والتسويف يأخذ الكفيل وإلا فلا ا هـ فالأقوال ثلاثة .

( قوله : واستحسن إلخ ) وفي الظهيرية : قالت زوجي يريد أن يغيب فخذ بالنفقة كفيلا لا يجيبها الحاكم إلى ذلك ; لأنها لم تجب بعد واستحسن الإمام الثاني أخذ الكفيل رفقا بها وعليه الفتوى ويجعل كأنه كفل بما ذاب لها عليه ا هـ عند قوله وتصح بالنفس وإن تعددت .

قال في النهر : وظاهره يفيد أنه يكون كفيلا بنفقتها عند الثاني ما دام غائبا ، ووقع في كثير من العبارات أنه استحسن أخذ الكفيل بنفقة شهر .

وقد قالوا كما في المجمع : لو كفل لها بنفقة كل شهر لزمته ما دام النكاح بينهما عند أبي يوسف وقالا يلزمه نفقة شهر ا هـ ، وقدم الشارح نحو هذا عن الخانية عند قول المصنف وبما بايعت فلانا فعلي ، لكن هذا فيما لو كفل بلا إجبار .

والظاهر أن ما وقع في كثير من العبارات فيما إذا أراد القاضي إجباره على إعطاء كفيل ، نعم في نور العين عن الخلاصة : لو علم القاضي أن الزوج يمكث في السفر أكثر من شهر يأخذ الكفيل بأكثر من شهر عند أبي يوسف ا هـ .

( قوله : وقاس عليه إلخ ) في البحر عن المحيط بعد ما مر عن أبي يوسف : أفتى بقول الثاني في سائر الديون بأخذ الكفيل كان حسنا رفقا بالناس ا هـ .

قال : وفي شرح المنظومة لابن الشحنة هذا ترجيح من صاحب المحيط ا هـ ومثله في النهر .

( قوله : لكنه مع الفارق ) عبارة الشرنبلالي في شرحه : لكن الفرق ظاهر بين نفقة المرأة التي يؤدي تركها إلى هلاكها وبين دين الغريم الذي ليس كذلك ا هـ .

قلت : ورأيت بخط شيخ مشايخنا التركماني ، وتعليل الرفق من صاحب المحيط والصدر الشهيد يفيد أنه لا فرق بين نفقة المرأة وبين دين الغريم ، وأي رفق في أن يقال لصاحب الدين سافر معه إلى أن يحل الأجل إذ ربما يصرف في السفر أكثر من دينه ، فلو أفتى بقول صاحب المحيط وحسام الدين الشهيد والمنتقى والمحبية كان حسنا ، وفيه حفظ لحقوق العباد من الضياع والتلف خصوصا في هذا الزمان ا هـ ونحوه في مجموعة السائحاني ، وإليه يميل [ ص: 336 ] كلام الشارح بقرينة الاستدراك عليه وفي البيري عن خزانة الفتاوى : يأخذ كفيلا أو رهنا بحقه وإن كان ظاهر المذهب عدمه لكن المصلحة في هذا لما ظهر من التعنت والجور في الناس ا هـ ، ثم رأيت المفتي أبا السعود أفتى به في معروضاته .

( قوله : لو حبس المديون إلخ ) تقدم هذا في قول المتن وإذا حبسه له حبسه ، وتقدم بيان شروطه ، وقوله حبس بالنصب ; لأنه تنازع فيه جاز وأراد وأعمل الثاني وأضمر للأول مرفوعه ، ولو أعمل الأول لوجب أن يقال وأراده بإبراز الضمير فافهم .

( قوله : ثم الكفيل إلخ ) تقدم هذا أيضا عند قول المصنف وإذا حل على الكفيل بموته لا يحل على الأصيل .

( قوله : من قبل ما التأجيل تم ) ما مصدرية .

والتأجيل فاعل لفعل محذوف دل عليه المذكور وهو تم فافهم ، والله سبحانه أعلم .




الخدمات العلمية