الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا محمد بن الصباح ، قال : ثنا علي بن ثابت ، عن جعفر بن برقان ، عن أبي عبد الله الحرسي - وكان من حرس عمر بن عبد العزيز - قال : دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان وقال : السلام عليكم أيها الأجير ، فقال الناس : الأمير يا أبا مسلم ، ثم قال : السلام عليك أيها الأجير ، فقال الناس : الأمير ، فقال معاوية : دعوا أبا مسلم هو أعلم بما يقول ، قال أبو مسلم : إنما مثلك مثل رجل استأجر أجيرا فولاه ماشيته وجعل له الأجر على أن يحسن الرعية ويوفر جزازها وألبانها ، فإن هو أحسن رعيتها ووفر جزازها حتى تلحق الصغيرة وتسمن العجفاء أعطاه أجره وزاد من قبله زيادة ، وإن هو لم يحسن رعيتها وأضاعها حتى تهلك العجفاء وتعجف السمينة ولم يوفر جزازها وألبانها غضب عليه صاحب الأجر فعاقبه ولم يعطه الأجر ، فقال معاوية : ما شاء الله كان .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا هارون بن عبد الله ، قال : ثنا سيار ، قال : ثنا عبيد الله بن شميط ، عن أبيه ، قال : كان أبو مسلم الخولاني يطوف ينعى الإسلام ، فأتى معاوية فقيل له فأرسل إليه فدعاه ، فقال له : ما اسمك ؟ قال [ ص: 126 ] معاوية : قلت : بل أنت حدوثة قبر عن قليل ، إن عملت خيرا أجزيت به وإن عملت شرا أجزيت به ، يا معاوية إن عدلت على أهل الأرض جميعا ثم جرت على رجل واحد مال جورك بعدلك .

              حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، قال : ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، قال : ثنا الهيثم بن خارجة ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن شرحبيل بن مسلم ، عن أبي مسلم الخولاني ، أنه كان إذا وقف على خربة ، قال : يا خربة أين أهلك ؟ ذهبوا وبقيت أعمالهم ، وانقطعت الشهوات وبقيت الخطيئة ، ابن آدم ترك الخطيئة أهون من طلب التوبة .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، قال : ثنا المغيرة ، قال : ثنا هشام بن الغاز ، حدثني يونس الهرم ، عن أبي مسلم الخولاني : أنه نادى معاوية بن أبي سفيان وهو جالس على منبر دمشق ، فقال : يا معاوية إنما أنت قبر من القبور إن جئت بشيء كان لك شيء ، وإن لم تجئ بشيء فلا شيء لك ، يا معاوية لا تحسبن الخلافة جمع المال وتفرقه ولكن الخلافة العمل بالحق والقول بالمعدلة وأخذ الناس في ذات الله عز وجل ، يا معاوية إنا لا نبالي بكدر الأنهار ما صفت لنا رأس عيننا ، وإنك رأس عيننا ، يا معاوية إياك أن تحيف على قبيلة من قبائل العرب فيذهب حيفك بعدلك . فلما قضى أبو مسلم مقالته أقبل عليه معاوية ، فقال : يرحمك الله .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : ثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي مسلم الخولاني ، قال : مثل الإمام كمثل عين عظيمة صافية طيبة ، الماء يجري منها إلى نهر عظيم فيخوض الناس النهر فيكدرونه ، ويعود عليهم صفو العين ، فإن كان الكدر من قبل العين فسد النهر ، قال : ومثل الإمام ومثل الناس كمثل فسطاط لا يستقل إلا بعمود ، لا يقوم العمود إلا بالأطناب - أو قال : بالأوتاد - فكلما نزع وتدا زاد العمود وهنا ، لا يصلح الناس إلا بالإمام ، ولا يصلح الإمام إلا بالناس .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : ثنا علي بن إسحاق ، قال : ثنا حسين [ ص: 127 ] الزهري قال :ثنا ابن المبارك ، قال : ثنا إسماعيل بن عياش ، حدثني شرحبيل بن مسلم الخولاني ، عن عمر بن سيف الخولاني أنه سمع أبا مسلم الخولاني ، يقول : لأن يولد لي مولود يحسن الله نباته حتى إذا استوى على شبابه وكان أعجب ما يكون إلي قبضه الله مني ، أحب إلي من أن يكون لي الدنيا وما فيها .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية