الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3951 3953 3954 3955 3956 3957 3958 3959 3960 ص: ثم نظرنا فيما روي في ذلك إذا صليتا معا، كيف نفعل فيهما؟ فإذا ابن مرزوق قد حدثنا، قال: حدثني أبو عامر العقدي ، قال: ثنا شعبة ، عن الحكم: " أنه صلى مع سعيد بن جبير بجمع، المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة.

                                                ثم حدث أن ابن عمر صنع مثل ذلك، وحدث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه السلام- صنع مثل ذلك في ذلك المكان".


                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا أبو الوليد ، قال: ثنا شعبة ، قال: ثنا الحكم بن عتيبة ، وسلمة بن كهيل، قالا: " صلى بنا سعيد بن جبير بإقامة المغرب ثلاثا، فلما سلم قام يصلي ركعتي العشاء ، ثم حدث عن ابن عمر أنه صنع بهم في ذلك المكان مثل ذلك ، وحدث ابن عمر أن رسول الله -عليه السلام- صنع بهم في ذلك المكان مثل ذلك".

                                                حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا وهب بن جرير ، قال: ثنا شعبة ، عن الحكم ، قال: شهدت سعيد بن جبير أقام بجمع الصلاة -وأحسبه قال: أذن- فصلى المغرب ثلاثا، ثم قام فصلى العشاء ركعتين بالإقامة الأولى، وحدث أن ابن عمر صنع في هذا المكان هذا، وحدث أن رسول الله -عليه السلام- صنع مثل ذلك". . .

                                                حدثنا حسين بن نصر ، قال: ثنا أبو نعيم ، قال: ثنا سفيان الثوري ، عن سلمة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر قال: "صلى رسول الله -عليه السلام- المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة".

                                                [ ص: 9 ] حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا وهب ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مالك ، عن ابن عمر ، عن النبي -عليه السلام- مثله.

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان . (ح).

                                                وحدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: ثنا سفيان بن سعيد الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مالك قال: "صليت مع ابن عمر المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن، ما هذا؟ فقال: صليتهما مع رسول الله -عليه السلام- في هذا المكان بإقامة واحدة".

                                                حدثنا روح بن الفرج ، قال: ثنا عمرو بن خالد ، قال: ثنا زهير بن معاوية ، قال: ثنا أبو إسحاق ، عن مالك بن الحارث ، قال: "صلى عبد الله بن عمر بالمزدلفة صلاة المغرب بإقامة ليس معها أذان ثلاث ركعات ثم سلم، ثم قال: الصلاة، ثم قام فصلى العشاء ركعتين ثم سلم، فقال له خالد بن مالك الحارثي: : ما هذه الصلاة يا أبا عبد الرحمن؟ ؟ قال: صليت هاتين الصلاتين مع النبي -عليه السلام- في هذا المكان ليس معهما أذان".

                                                حدثنا يونس ، قال: ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قال: حدثني أربعة كلهم ثقة منهم: سعيد بن جبير ، وعلي الأزدي ، عن ابن عمر: "أنه صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة بإقامة واحدة". .

                                                فهذا ابن عمر يخبر عن رسول الله -عليه السلام- أنه صلاهما ولم يؤذن بينهما ولم يقم.

                                                التالي السابق


                                                ش: لما ذكر حكم الجمع بين المغرب والعشاء بجمع فيما إذا فصل بينهما بشيء؛ شرع يبين حكم الجمع بينهما فيما إذا صليتا معا بلا فاصل بينهما.

                                                وأخرج في ذلك عن ابن عمر من تسع طرق صحاح:

                                                الأول: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو القيسي العقدي ، عن شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ... إلى آخره.

                                                [ ص: 10 ] وأخرجه مسلم: ثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا شعبة ، عن الحكم وسلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير: "أنه صلى المغرب بجمع والعشاء بإقامة، ثم حدث عن ابن عمر أنه صلى مثل ذلك، وحدث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صنع مثل ذلك".

                                                الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق أيضا، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري ، عن شعبة ... إلى آخره نحوه.

                                                الثالث: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن وهب بن جرير ... إلى آخره.

                                                الرابع: عن حسين بن نصر ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري عن الثوري ، عن سلمة بن كهيل ... إلى آخره.

                                                وأخرجه النسائي: عن عمرو بن منصور ، عن أبي نعيم ، عن سفيان الثوري ... إلى آخره نحوه.

                                                الخامس: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، عن عبد الله بن مالك بن الحارث الهمداني الكوفي وثقه ابن حبان ، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.

                                                السادس: عن إبراهيم بن مرزوق أيضا، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، عن عبد الله بن مالك بن الحارث .

                                                وأخرجه أبو داود: ثنا محمد بن كثير، قال: أنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مالك قال: "صليت مع ابن عمر المغرب ثلاثا، والعشاء ركعتين، فقال

                                                [ ص: 11 ] له مالك بن الحارث: ما هذه الصلاة؟ فقال: صليتهما مع رسول الله -عليه السلام- في هذا المكان بإقامة واحدة".


                                                السابع: عن حسين بن نصر ، عن يزيد بن هارون الواسطي ، عن سفيان الثوري ... إلى آخره.

                                                وأخرجه الترمذي: ثنا محمد بن بشار، قال: نا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مالك: "أن ابن عمر صلى بجمع، فجمع بين الصلاتين بإقامة، وقال: رأيت رسول الله -عليه السلام- فعل مثل هذا في هذا المكان".

                                                الثامن: عن روح بن الفرج القطان شيخ الطبراني أيضا، عن عمرو بن خالد الحراني نزيل مصر وشيخ البخاري ، عن زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، عن مالك بن الحارث ... إلى آخره.

                                                وهكذا وقع في هذا الطريق: "مالك بن الحارث"، قال البخاري في "تاريخه": لا يصح مالك بن الحارث، يشير إلى رواية زهير هذه.

                                                والصحيح ما قاله شعبة: عبد الله بن مالك بن الحارث الهمداني كما هو في الطرق الثلاثة المذكورة.

                                                التاسع: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي ، عن مجاهد بن جبر المكي ... إلى آخره.

                                                وعلي الأزدي: هو علي بن عبد الله الأزدي البارقي، روى له الجماعة سوى البخاري .

                                                قوله: "فصلى المغرب ثلاثا". أي ثلاث ركعات على حالها، قال القاضي: وفيه أصل السنة في تقصير الحاج بمنى وعرفة ومكة الصلاة الرباعية، مكيا كان أو غير

                                                [ ص: 12 ] مكي، إلا أهل منى وأهل عرفة بعرفة وأهل مكة بمكة. هذا قول الأوزاعي ومالك، إلا الإمام فإنه يقصر وإن كان عندهم من سكان هذه المواضع.

                                                وذهب جمهور العلماء إلى أن هؤلاء يتمون، وإنما يقصر من كان في سفر مما تقصر فيه الصلاة على سنة القصر ولا يختص الحاج بشيء من غيره.

                                                وذهب بعض السلف إلى مثل قول مالك إلا أنه سوى الإمام وغيره، وأنه يقصر إن كان من أهل الموضع، وهو مذهب إسحاق .

                                                قوله: "فهذا ابن عمر يخبر عن رسول الله -عليه السلام- أنه صلاهما". أي المغرب والعشاء ولم يؤذن بينهما ولم يقم.

                                                وقال: ابن حزم: روايات ابن عمر مضطربة، وهي ستة أقوال:

                                                أحدها: الجمع بينهما بلا أذان ولا إقامة، صح عن ابن عمر .

                                                والثاني: يجمع بينهما بإقامة واحدة فقط، صح أيضا عن ابن عمر، وهو قول سفيان وأحمد وأبي بكر بن داود، وصح به خبر عن رسول الله -عليه السلام-.

                                                والثالث: الجمع بينهما بإقامتين فقط، روي عن عمر وعلي -رضي الله عنهما-، وصح عن سالم بن عبد الله، وهو أحد قولي سفيان وأحمد والشافعي، وصح به خبر عن رسول الله -عليه السلام-.

                                                والرابع: الجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة، روي عن عمر، وصح عن ابنه عبد الله، وهو قول أبي حنيفة، وصح به خبر عن رسول الله -عليه السلام-.

                                                والخامس: الجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين، وصح عن ابن عمر وسالم ابنه وعطاء، وهو أحد قولي الشافعي وبه نأخذ، وصح بذلك خبر عن النبي -عليه السلام-.

                                                والسادس: الجمع بينهما بأذانين وإقامتين، صح عن عمر وابن مسعود، وروي عن علي وعن محمد بن علي بن الحسن وأهل بيته، وهو قول مالك .

                                                [ ص: 13 ] وأما الأخبار في ذلك فبعضها بإقامة واحدة من طريق ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- وبعضها بإقامتين من طريق ابن عمر وأسامة بن زيد، وبعضها بأذان واحد وإقامة واحدة من طريق ابن عمر، وبعضها بأذان واحد وإقامتين من طريق جابر .

                                                فاضطربت الروايات عن ابن عمر إلا إحدى الروايات عنه وعن أسامة بن زيد وعن جابر بن عبد الله زادت على الأخرى وعلى رواية أسامة [إقامة]، فوجب الأخذ بالزيادة.

                                                وإحدى الروايات عنه وعن جابر تزيد على الأخرى وعلى رواية أسامة] أذانا فوجب الأخذ بالزيادة؛ لأنها رواية قائمة بنفسها صحيحة فلا يجوز خلافها، فإذا جمعت رواية سالم وعلاج عن ابن عمر صح منها بأذان وإقامتين كما جاء مبينا في حديث جابر وهذا هو الذي لا يجوز خلافه، ولا حجة لمن خالف ذلك. والله أعلم. انتهى.

                                                قلت: الطحاوي -رحمه الله-: أيضا اختار ما اختاره ابن حزم، وهو أن يكون الأذان واحدا والإقامة ثنتين على ما يجيء.

                                                وهو قول أحمد والشافعي في رواية أبي ثور .




                                                الخدمات العلمية