الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون

                                                                                                                                                                                                وقرئ : "وأن هذا صراطي مستقيما" ، بتخفيف : "أن" وأصله : "وأنه هذا صراطي" ، على أن الهاء ضمير الشأن والحديث ، وقرأ الأعمش : "وهذا صراطي" . وفي مصحف عبد الله : "وهذا صراط ربكم" ، وفي مصحف أبي : "وهذا صراط ربك" ولا تتبعوا السبل : الطرق المختلفة في الدين ، من اليهودية والنصرانية ، والمجوسية وسائر البدع والضلالات فتفرق بكم : فتفرقكم أيادي سبا عن سبيله : عن صراط الله المستقيم ، وهو دين الإسلام .

                                                                                                                                                                                                وقرئ : "فتفرق" بإدغام التاء ، وروى أبو وائل عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه خط خطا ، ثم قال : "هذا سبيل الرشد" ، ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطا ثم قال : "هذه سبل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ، ثم تلا هذه الآية : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : هذه الآيات محكمات ، لم ينسخهن شيء من جميع الكتب .

                                                                                                                                                                                                وقيل : إنهن أم الكتاب ، من عمل بهن دخل الجنة ، ومن تركهن دخل النار ، وعن كعب الأحبار : والذي نفس كعب بيده ، إن هذه الآيات لأول شيء في التوراة .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : علام عطف قوله : ثم آتينا موسى الكتاب قلت : على "وصاكم به" .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : كيف صح عطفه عليه بـ “ ثم" ، والإيتاء قبل التوصية بدهر طويل؟

                                                                                                                                                                                                قلت : هذه التوصية قديمة ، لم تزل توصاها كل أمة على لسان نبيهم ، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : محكمات ، لم ينسخهن شيء من جميع الكتب ; فكأنه [ ص: 414 ] قيل : ذلكم وصاكم به يا بني آدم قديما وحديثا .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية