الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
269 - " أحفوا الشوارب؛ وأعفوا اللحى؛ ولا تشبهوا باليهود " ؛ الطحاوي ؛ عن أنس .

التالي السابق


(أحفوا الشوارب) ؛ بألف القطع؛ رباعي؛ أشهر؛ وأكثر؛ وهو المبالغة في استقصائه؛ ومنه: " أحفى في المسألة" ؛ إذا أكثر؛ كذا في التنقيح؛ وتحصيل سنية قص الشارب بفعل الرجل بنفسه؛ وبفعل غيره له؛ لحصول المقصود من غير هتك؛ ولا حرمة؛ بخلاف الإبط؛ والعانة؛ ذكره النووي ؛ لكنه بنفسه أولى؛ كما ذكره ابن دقيق العيد؛ ويندب الابتداء بقص الجهة اليمنى؛ لأن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان يحب التيامن؛ لكن يحصل أصل السنة بالعكس؛ كما قاله العراقي؛ ويستثنى من طلب إزالة الشارب حالة الإحرام؛ وعشر ذي الحجة لمريد التضحية؛ والميت؛ على المختار؛ قيل: والغازي بدار الحرب؛ لإرهاب العدو؛ والحديث يتناول السبالين؛ وهما طرفاه؛ لدخولهما في مسماه؛ وفي حديث أحمد التصريح بهما؛ لكن في الإحياء: لا بأس بتركهما؛ (وأعفوا اللحى) ؛ وفروها؛ فلا يجوز حلقها؛ ولا نتفها؛ ولا قص الكثير منها؛ كذا في التنقيح؛ ثم زاد الأمر تأكيدا؛ مشيرا إلى العلة؛ بقوله: (ولا تشبهوا) ؛ بحذف إحدى التاءين؛ للتخفيف؛ (باليهود) ؛ في زيهم الذي هو عكس ذلك؛ وفي خبر ابن حبان - بدل " اليهود" -: " المجوس" ؛ وفي آخر: " المشركين" ؛ وفي آخر: " آل كسرى " ؛ قال الحافظ العراقي : والمشهور أنه من فعل المجوس؛ فيكره الأخذ من اللحية؛ واختلف السلف فيما طال منها؛ فقيل: لا بأس أن يقبض عليها؛ ويقص ما تحت القبضة؛ كما فعله ابن عمر ؛ ثم جمع من التابعين؛ واستحسنه الشعبي ؛ وابن سيرين ؛ وكرهه الحسن وقتادة ؛ والأصح كراهة أخذ ما لم يتشعث؛ ويخرج عن السمت؛ مطلقا؛ كما مر؛ والكلام في غير لحية المرأة؛ والخنثى؛ أما هي فيندب إزالتها؛ وكذا الشارب؛ والعنفقة؛ لهما؛ قال الحافظ العراقي : وفي قص الشارب أمر ديني؛ وهو مخالفة دين المجوس؛ ودنيوي؛ وهو تحسين الهيئة؛ والتنظيف؛ مما يعلق به من الدهن؛ وكل ما يلصق بالمحل؛ كعسل؛ وقد يرجع تحسين الهيئة إلى الدين [ ص: 199 ] أيضا؛ لأنه يؤدي إلى قبول قول صاحبه؛ وامتثال أمره؛ من ولاة الأمور؛ ونحوهم.

( الطحاوي ؛ عن أنس ) ؛ رمز المؤلف لضعفه؛ ووهم من زعم أنه رمز لصحته.



الخدمات العلمية