الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( كتاب المساقاة ) هي معاملة على تعهد شجر بجزء من ثمرته من السقي الذي هو أهم أعمالها

                                                                                                                              والأصل فيها قبل الإجماع { معاملته صلى الله عليه وسلم يهود خيبر على نخلها وأرضها بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع } رواه الشيخان والحاجة ماسة إليها [ ص: 107 ] والإجارة فيها ضرر بتغريم المالك حالا مع أنه قد لا يطلع شيء ، وقد يتهاون الأجير في العمل لأخذه الأجرة وبالغ ابن المنذر في رد مخالفة أبي حنيفة رضي الله عنه فيها ومن ثم خالفه صاحباه وزعم أن المعاملة مع الكفار تحتمل الجهالات مردود بأن أهل خيبر كانوا مستأمنين وأركانها ستة عاقدان ومورد وعمل وثمر وصيغة وكلها مع شروطها تعلم من كلامه ( تصح من ) مالك وعامل ( جائز التصرف ) وهو الرشيد المختار دون غيره كالقراض ( و ) تصح ( لصبي ومجنون ) وسفيه من وليهم ( بالولاية ) عليهم عند المصلحة للاحتياج إلى ذلك ولبيت المال من الإمام وللوقف من ناظره ، وأفتى ابن الصلاح بصحة إيجار الولي لبياض أرض موليه بأجرة هي مقدار منفعة الأرض وقيمة الثمر ثم مساقاة المستأجر بسهم للمولى من ألف سهم بشرط أن لا يعد ذلك عرفا غبنا فاحشا في عقد المساقاة بسبب انضمامه لعقد الإجارة وكونه نقصا مجبور بزيادة الأجرة الموثوق بها ورده البلقيني بما حاصله أنهما صفتان متباينتان فلا تنجبر إحداهما بالأخرى وبه يندفع استشهاد الزركشي له بأن الولي إذا وجد ما اشتراه للمولي معيبا والغبطة في إبقائه أبقاه ، ولو بلا أرش لكن انتصر له أبو زرعة بعد اعتماده له بأنه ما زال يرى عدول النظار والقضاة الفقهاء يفعلون ذلك ويحكمون به وبأنهم اغتفروا الغبن في أحد العقدين لاستدراكه في الآخر لتعين المصلحة فيه المترتب على تركها ضياع الشجر والثمر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( كتاب المساقاة )

                                                                                                                              [ ص: 107 ] قوله مردود بأن أهل خيبر إلخ ) يتأمل هذا الرد ( قوله كانوا مستأمنين ) أي وهم لهم أحكام المسلمين ( قوله ولبيت المال من الإمام إلخ ) عبارة شرح الروض وفي معنى الولي الإمام في بساتين بيت المال ومن لا يعرف مالكه وكذا بساتين الغائب فيما يظهر قاله الزركشي ا هـ .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              لو كان العامل صبيا لم يصح وله أجرة المثل ويضمن الصبي بالإتلاف لا بالتلف ولو بتقصير ؛ لأنه لم يسلطه على الإتلافم ر ( قوله لكن انتصر له أبو زرعة إلى قوله وبأنهم اغتفروا الغبن إلخ ) قد يقال إن كان الحال بحيث لو لم ينضم أحد العقدين إلى الآخر حصل من مجموعهما أكثر مما يحصل مع الانضمام فالوجه امتناع ما ذكره ابن الصلاح ، وإن كان بحيث لو لم يحصل هذا الضم حصل أقل أو تعطل أحد العقدين ، ولم يرغب فيه فالوجه جواز ما ذكره بل وجوبه وقد يشير إلى ذلك قوله لتعين المصلحة إلخ فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( كتاب المساقاة )

                                                                                                                              ( قوله هي معاملة ) إلى قوله وأفتى في المغني إلا قوله وبالغ إلى وأركانها وإلى قوله وليس كما زعم في النهاية إلا قوله وبه يندفع إلى لكن انتصر وقوله وأشار إليه إلى المتن ( قوله معاملة ) أي صيغة معلومة فيؤخذ منه جميع أركانها ا هـ بجيرمي ( قوله على تعهد شجر ) أي مخصوص هو النخل والعنب بسقي وغيره ( قوله من السقي ) خبر ثان لقوله هي عبارة النهاية والمغني وهي مأخوذة من السقي بفتح السين وسكون القاف ا هـ .

                                                                                                                              وفي ع ش عن سم على منهج ، وقيل من السقي بكسر القاف وتشديد الياء وهو صغار النخل ا هـ

                                                                                                                              ( قوله الذي هو إلخ ) هذا في معنى العلة لأخذها من السقي دون غيره والمراد أن عمل العامل ، وإن لم يكن قاصرا على السقي لكنه لما كان أكثر أعمالهما نفعا ومؤنة أخذت منه ( قوله قبل الإجماع ) هذا صريح في أنها مجمع عليها مع أن أبا حنيفة منعها كما سيأتي إلا أن يقال لم يعتد بخلافه لشدة ضعفه كما أشار إليه بقوله الآتي ، وبالغ ابن المنذر إلخ ( قوله والحاجة ماسة إليها إلخ ) لأن مالك الأشجار قد لا يحسن تعهدها أو لا يتفرغ له ومن يحسن ويتفرغ [ ص: 107 ] قد لا يملك الأشجار فيحتاج ذاك إلى الاستعمال وهذا إلى العمل مغني وشرح منهج ( قوله والإجارة إلخ ) جواب عما يقال إن الحاجة تندفع بالإجارة

                                                                                                                              ( قوله قد لا يطلع إلخ ) أي قد لا يحصل له شيء من الثمار مغني وشرح المنهج ( قوله في رد مخالفة أبي حنيفة إلخ ) والرد مضاف إلى مفعوله والمخالفة إلى فاعله ( قوله ومن ثم ) أي من أجل اشتداد ضعف منع أبي حنيفة للمساقاة ( قوله وزعم إلخ ) رد لجواب أبي حنيفة عن الخبر بأن المعاملة إلخ ( قوله مردود بأن أهل خيبر إلخ ) أي والمعاملة إنما تحتمل الجهالات مع الحربيين رشيدي وع ش ( قوله وعامل إلخ ) ولو كان العامل صبيا لم تصح وله أجرة المثل ويضمن بالإتلاف ؛ لأنه لم يسلطه على الإتلاف لا بالتلف ولو بتقصير م ر ا هـ سم على حج وقوله لم تصح أي إذا عقدها بنفسه بخلاف ما لو عقد له وليه لمصلحته فينبغي الصحة كإيجارة للرعي مثلا وقد يشمله قول المصنف ولصبي بأن يراد في ماله أو ذاته ليكون عاملا ا هـ ع ش ( قوله دون غيره ) أي جائز التصرف

                                                                                                                              ( قوله تصح ) استغنى المحلى والمغني عن تقديره وتقدير قوله من وليهم بتقدير لنفسه عقب جائز التصرف والمعنى حينئذ كما في الرشيدي تصح من جائز التصرف وصحتها منه لا فرق فيها بين كونها لنفسه بالأصالة وبين كونها لصبي ومجنون بالولاية ( قوله ولبيت المال إلخ ) عبارة شرح الروض وفي معنى الولي الإمام في بساتين بيت المال ومن لا يعرف مالكه ، وكذا بساتين الغائب فيما يظهر قاله الزركشي ا هـ وكذا في المغني والنهاية لكن بلفظ كما قاله الزركشي ( قوله من الإمام ) أي أو نائبه ، ولو تبين المالك بعد ذلك هل يصح التصرف أم لا فيه نظر والأقرب الأول ؛ لأن الإمام نائب المالك ثم إن كانت الثمرة باقية أخذها وإلا رجع على بيت المال ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله أرض موليه ) أي أرض بستانه ( قوله وقيمة الثمر ) عطف على منفعة إلخ و ( قوله ثم مساقاة إلخ ) عطف على إيجار إلخ ( قوله بسبب إلخ ) متعلق بقوله أن لا يعد أي بعدم العد ( قوله ورده البلقيني إلخ ) عبارة النهاية ورد البلقيني إلخ مردود كما قاله الولي العراقي بأنه لم يزل إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله انتصر له ) أي لابن الصلاح وقد يقال إن كان الحال بحيث لو لم يضم أحد العقدين إلى الآخر يحصل من مجموعهما أكثر مما يحصل مع الانضمام فالوجه امتناع ما ذكره ابن الصلاح ، وإن كان بحيث لو لم يحصل هذا الضم حصل أقل أو تعطل أحد العقدين ولم يرغب فيه فالوجه جواز ما ذكره بل وجوبه وقد يشير إلى ذلك قوله لتعيين المصلحة إلخ سم على حج ا هـ ع ش بقي ما لو تساوى الحاصلان ولم يخف التعطل ولعل الأقرب حينئذ عدم الجواز لعدم المصلحة فليحرر

                                                                                                                              ( قوله ويحكمون به ) أي فصار كالمجمع عليه ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية