الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      القطب

                                                                                      الإمام العلامة ، شيخ الشافعية قطب الدين أبو المعالي مسعود بن [ ص: 107 ] محمد بن مسعود الطريثيثي النيسابوري .

                                                                                      ولد سنة خمس وخمسمائة .

                                                                                      وتفقه على أبيه ، ومحمد بن يحيى تلميذ الغزالي ، وعمر بن علي ، عرف بسلطان .

                                                                                      وتفقه بمرو على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد .

                                                                                      وسمع من هبة الله بن سهل السيدي ، وعبد الجبار الخواري .

                                                                                      وتأدب على أبيه ، وبرع ، وتقدم ، وأفتى ، ووعظ في أيام مشايخه ، ودرس بنظامية نيسابور نيابة ، وصار من فحول المناظرين ، وبلغ رتبة الإمامة .

                                                                                      وقدم بغداد في سنة 538 ، فوعظ وناظر ، ثم سكن دمشق ، وقد رأى أبا نصر القشيري . وكان صاحب فنون ، أقبلوا عليه بدمشق في أيام أبي الفتح المصيصي ، ودرس بالمجاهدية ، فلما توفي أبو الفتح ، ولي بعده تدريس الغزالية ، ثم انفصل إلى حلب ، فولي تدريس المدرستين اللتين أنشأهما نور الدين وأسد الدين ، ثم سار إلى همذان ، ودرس بها مدة ، ثم عاد إلى دمشق ، ودرس بالغزالية ثانيا ، وتفقه به الأصحاب . وكان حسن الأخلاق ، متوددا ، قليل التصنع . ثم سار إلى بغداد رسولا .

                                                                                      روى عنه : أبو المواهب بن صصرى ، وأخوه الحسين ، والتاج ابن حمويه ، وطائفة .

                                                                                      [ ص: 108 ] وأجاز للحافظ الضياء .

                                                                                      قال ابن عساكر : كان أبوه من طريثيث . كان أديبا يقرئ الأدب ، قدم ووعظ ، وحصل له قبول ، وكان حسن النظر مواظبا على التدريس ، وقد تفرد برئاسة أصحاب الشافعي .

                                                                                      قال ابن النجار : قدم بغداد رسولا ، وتزوج بابنة أبي الفتوح الإسفراييني . أنشدني أبو الحسن القطيعي ، أنشدني أبو المعالي مسعود بن محمد الفقيه :

                                                                                      يقولون : أسباب الفراغ ثلاثة ورابعها خلوه وهو خيارها     وقد ذكروا أمنا ومالا وصحة
                                                                                      ولم يعلموا أن الشباب مدارها



                                                                                      قلت : كان فصيحا ، مفوها ، مفسرا ، فقيها ، خلافيا ، درس أيضا بالجاروخية وقيل : إنه وعظ بدمشق ، وطلب من الملك نور الدين أن يحضر مجلسه ، فحضره ، فأخذ يعظه ، ويناديه : يا محمود ، كما كان يفعل البرهان البلخي شيخ الحنفية ، فأمر الحاجب ، فطلع ، وأمره أن لا يناديه باسمه ، فقيل فيما بعد للملك ، فقال : إن البرهان كان إذا قال : يا محمود قف شعري هيبة له ، ويرق قلبي ، وهذا إذا قال ، قسا قلبي ، وضاق صدري . حكى هذه سبط ابن الجوزي وقال : كان القطب غريقا في بحار الدنيا .

                                                                                      [ ص: 109 ] قال القاسم ابن عساكر : مات في سلخ رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ودفن يوم العيد في مقبرة أنشأها جوار مقبرة الصوفية غربي دمشق .

                                                                                      قلت : وبنى مسجدا ، ووقف كتبه -رحمه الله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية