الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( ومن ثبت له الخيار فله أن يفسخ في محضر من صاحبه وفي غيبته لأنه رفع عقد جعل إلى اختياره فجاز في حضوره وغيبته كالطلاق )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قوله : ( جعل إلى اختياره ) قال القلعي هو احتراز من الإقالة والخلع فإنهما لم يجعلا إلى اختياره وحده ، بل إلى اختيارهما ، قال أصحابنا : من ثبت له خيار الشرط كان له الفسخ في حضرة صاحبه وفي غيبته ، لما ذكره المصنف هذا مذهبنا لا خلاف فيه عندنا ، وبه قال مالك وأحمد وزفر وأبو يوسف ، وقال أبو حنيفة ومحمد : لا يصح إلا [ ص: 239 ] في حضرة صاحبه ، ولهذا قاسه المصنف على الطلاق ، لأنه مجمع على نفوذه بغير حضورها ، والله أعلم .



                                      ( فرع ) الإقالة فسخ للعقد على القول الصحيح الجديد كما سنوضحه في موضعه إن شاء الله تعالى ، قال أصحابنا : ولا تصح إلا بحضور المتعاقدين ، هذا هو المذهب ، وبه قطع الجماهير ، وذكر الروياني فيها وجهين ( الصحيح ) منهما هذا ( والثاني ) أنه إذا قال : أقلني ، ثم غاب في الحال ، ثم قال الآخر : أقلتك بحيث يصلح أن يكون جوابا لكلامه صحت الإقالة وإن لم يسمعه لبعده منه ، وهذا شاذ ضعيف .



                                      ( فرع ) إذا فسخ المستودع الوديعة من غير حضور مالكها ، ففي صحة الفسخ وجهان حكاهما الروياني هنا ( أحدهما ) لا يصح لأن الأمانة لا تنفسخ بالقول ، ولهذا لو قال : فسخت الأمانة كان على الأمانة ما لم يردها ، حتى لو هلكت قبل إمكان الرد لا ضمان ( والثاني ) يصح ويرتفع حكم عقد الوديعة ويبقى حكم الأمانة كالثوب إذا ألقته الريح في دار إنسان يكون أمانة وإلا يكون وديعة فيلزمه أن يعلم صاحبه بذلك ، فإن أخر الإعلام مع القدرة ضمن ، هذا كلامالروياني . وجزم القاضي أبو الطيب في تعليقه وصاحب الشامل وغيرهما في هذا الموضع بصحة فسخ الوديعة في غيبة المالك ، قال القاضي أبو الطيب : تنفسخ ويلزمه ردها إلى مالكها ، فإن لم يجده دفعها إلى الحاكم ، فإن لم يفعل وهلكت ضمن ( فإن قيل ) لو انفسخت الوديعة لوجب أن يضمنها إذا تلفت في يده قبل العلم بالفسخ ، لأنه لا يجوز أن تنفسخ ولا تكون مضمونة ( قلنا : ) لا يمتنع أن تنفسخ وتبقى في يده أمانة ، ولهذا لو حضر المالك وقال فسخت وديعتي انفسخت ، وتكون أمانة في يده إلى أن يسلمها ، فإن ذهب ليحضرها فتلفت قبل التمكن لم يضمنها ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية