الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل ( في لبسه صلى الله عليه وسلم ثيابه وتطيبه بعد رميه جمرة العقبة )

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم لبس عليه الصلاة والسلام ثيابه وتطيب بعد ما رمى جمرة العقبة ونحر هديه ، وقبل أن يطوف بالبيت طيبته عائشة أم المؤمنين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البخاري : ثنا علي بن عبد الله بن المديني ، ثنا سفيان - هو ابن عيينة - ثنا عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ، وكان أفضل أهل زمانه ، أنه سمع أباه ، وكان أفضل أهل زمانه ، يقول أنه سمع عائشة تقول : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين حين أحرم ، ولحله حين أحل قبل أن يطوف . وبسطت [ ص: 619 ] يديها

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال مسلم : ثنا يعقوب الدورقي وأحمد بن منيع ، قالا : ثنا هشيم ، أنبأنا منصور ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم ، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى النسائي من حديث سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم ، ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشافعي : أنبأنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن سالم قال : قالت عائشة : أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله وإحرامه . ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن عائشة ، فذكره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي " الصحيحين " من حديث ابن جريج أخبرني عمر بن عبد الله بن عروة أنه سمع عروة والقاسم يخبران عن عائشة ، أنها قالت : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة في حجة الوداع للحل والإحرام . ورواه مسلم من حديث الضحاك بن عثمان ، عن أبي الرجال ، عن أمه عمرة ، عن عائشة به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 620 ] وقال سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن الحسن العرني ، عن ابن عباس ، أنه قال : إذا رميتم الجمرة ، فقد حللتم من كل شيء كان عليكم حراما إلا النساء ، حتى تطوفوا بالبيت . فقال رجل : والطيب يا أبا العباس ؟ فقال له : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك ، أفطيب هو أم لا ؟!

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال محمد بن إسحاق : حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، عن أبيه وأمه زينب بنت أم سلمة ، عن أم سلمة قالت : كانت الليلة التي يدور فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النحر ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي ، فدخل وهب بن زمعة ، ورجل من آل أبي أمية متقمصين ، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفضتما ؟ " قالا : لا . قال : " فانزعا قميصيكما " . فنزعاهما . فقال له وهب : ولم يا رسول الله ؟ فقال : " هذا يوم أرخص لكم فيه ، إذا رميتم الجمرة ونحرتم هديا ، إن كان لكم ، فقد أحللتم من كل شيء حرمتم منه إلا النساء حتى تطوفوا بالبيت ، فإذا أمسيتم ولم تفيضوا صرتم حرما كما كنتم أول مرة حتى تطوفوا بالبيت " . وهكذا رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، كلاهما عن ابن أبي عدي ، عن ابن إسحاق ، فذكره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 621 ] وأخرجه البيهقي ، عن الحاكم ، عن أبي بكر بن إسحاق ، عن أبي المثنى العنبري ، عن يحيى بن معين ، وزاد في آخره : قال أبو عبيدة : وحدثتني أم قيس بنت محصن قالت : خرج من عندي عكاشة بن محصن في نفر من بني أسد متقمصين عشية يوم النحر ، ثم رجعوا إلينا عشاء وقمصهم على أيديهم يحملونها . فسألتهم فأخبروها بمثل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوهب بن زمعة وصاحبه . وهذا الحديث غريب جدا ، لا أعلم أحدا من العلماء قال به . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية