الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقوله ( فأما اليمين على الماضي : فليست منعقدة . وهي نوعان : يمين الغموس . وهي التي يحلف بها كاذبا ، عالما بكذبه ) . يمين الغموس : لا تنعقد على الصحيح من المذهب . نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله . قال المصنف والشارح : ظاهر المذهب لا كفارة فيها . قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب . قال الزركشي : وعليه الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وعنه فيها الكفارة ويأثم ، كما يلزمه عتق وطلاق ، وظهار وحرام ونذر . قاله الأصحاب . فيكفر كاذب في لعانه . ذكره في الانتصار . وأطلقهما في الهداية . قوله ( ومثله الحلف على مستحيل ، كقتل الميت وإحيائه ، وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه ) . اعلم أنه إذا علق اليمين على مستحيل ، فلا يخلو : إما أن يعلقها بفعله ، أو يعلقها بعدم فعله .

[ ص: 17 ] فإن علقها بفعل مستحيل سواء كان مستحيلا لذاته أو في العادة مثل أن يقول ( والله إن طرت ) أو ( لا طرت ) أو ( صعدت السماء ) أو ( شاء الميت ) أو ( قلبت الحجر ذهبا ) أو ( جمعت بين الضدين ) أو ( رددت أمس ) أو ( شربت ماء الكوز ) ولا ماء فيه ونحوه . فقال في الفروع : هذا لغو وقطع به . ذكره في الطلاق في الماضي والمستقبل . وجزم به في المحرر في تعليق الطلاق بالشروط . وإن علق يمينه على عدم فعل مستحيل . سواء كان مستحيلا لذاته ، أو في العادة ، نحو ( والله لأصعدن السماء ) أو ( إن لم أصعد ) أو ( لا شربت ماء الكوز ) ولا ماء فيه . أو ( إن لم أشربه ) أو ( لأقتلنه ) فإذا هو ميت ، علمه أو لم يعلم . ونحو ذلك . ففيه طريقان .

أحدهما : فيه ثلاثة أوجه . كالحلف بالطلاق على ذلك . أحدها وهو الصحيح منها تنعقد . وعليه الكفارة . وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي . ذكروه في تعليق الطلاق بالشروط .

والثاني : لا تنعقد . ولا كفارة عليه .

والثالث : لا تنعقد في المستحيل لذاته ، ولا كفارة عليه فيه . وتنعقد في المستحيل عادة في آخر حياته . وقيل : إن وقته ففي آخر وقته . ذكره أبو الخطاب اتفاقا في الطلاق .

والطريق الثاني : لا كفارة عليه بذلك مطلقا . وهو ظاهر كلام المصنف هنا . وأطلق الطريقين في الفروع في باب الطلاق في الماضي والمستقبل .

[ ص: 18 ] والذي قدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي : أن حكم اليمين بذلك حكم اليمين بالطلاق . على ما تقدم في باب الطلاق في الماضي والمستقبل . وقال المصنف ، والشارح في المستحيل عقلا : كقتل الميت وإحيائه ، وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه . قال أبو الخطاب : لا تنعقد يمينه . ولا تجب بها كفارة . وقال القاضي : تنعقد موجبة للكفارة في الحال . وقال المصنف والشارح في المستحيل عادة ، كصعود السماء ، والطيران ، وقطع المسافة البعيدة في المدة القليلة إذا حلف على فعله : انعقدت يمينه ، ووجبت الكفارة . ذكره القاضي ، وأبو الخطاب . واقتصرا عليه . انتهيا

التالي السابق


الخدمات العلمية