الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              3221 3402 - حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما سمي الخضر; أنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء". [فتح: 6 \ 433]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - من طريقين في قصة موسى والخضر مطولا.

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف في العلم أوائل "الصحيح" في عدة مواضع.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 469 ] والبخاري رواه هنا عن (عمرو بن محمد) هو الناقد الرقي، و(علي بن عبد الله) و(نوف) هو بفتح النون (البكالي) بكسر الموحدة، ومنهم من فتحها وشدد الكاف، وهو من بكال بن دعمي بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة بن سبأ، وأوضحناه هناك.

                                                                                                                                                                                                                              وموسى - صلى الله عليه وسلم- سلف ذكره هناك. وكان هارون أطول منه، وأكثر لحما، وأبيض جسما، وأغلظ ألواحا، وأسن من موسى بثلاث سنين، وكان في جبهته شامة، وفي أرنبة أنف موسى شامة، وعلى طرف لسانه شامة وهي العقدة التي ذكرها الله، ولا يعرف قبله ولا بعده على لسانه شامة غيره.

                                                                                                                                                                                                                              قال وهب: وفرعون موسى هو فرعون يوسف، واسمه: الوليد بن مصعب. قال ابن قتيبة: قال غيره: الأمر بخلافه وأن فرعون موسى ليس فرعون يوسف.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن خالويه في كتاب "ليس": كان فرعون موسى على مصر خمسين سنة. والمساكين الذين كانوا يعملون في البحر كانوا سبعة بكل واحد منهم زمانة ليست بالآخر. وقيل: كانوا عشرة، خمسة زمنى وخمسة يعملون عليها، وكانت تساوي ألف دينار كما أفاده في "الغرر".

                                                                                                                                                                                                                              والملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا اسمه -فيما ضبطه عن أبي زيد المروزي عن البخاري-: جيسون، وفي غير هذه الرواية بالحاء المهملة، وفيه رواية ثالثة -كما قال السهيلي-: حبنون.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 470 ] وفيه أقوال أخر:

                                                                                                                                                                                                                              جلندا، قال ابن عسكر: وكان بقرطبة من جزيرة الأندلس. أو هدد بن بدد، أو منولة بن الجلندي بن سعيد الأزدي، وسماه الرضي الشاطبي فلع بن سارق بن ظالم بن عمرو بن شهاب بن مرة بن الهلقام بن الجلندي بن المستكير بن الجلندي.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن خالويه: ليس أحد يقول بالثاني -أعني هدد بن بدد- إلا ابن مجاهد. وقال ابن دريد: هدد بن العمال ملك من ملوك حمير، زعم علماء اليمن أن سليمان زوجه بلقيس.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("بينما موسى في ملإ من بني إسرائيل جاءه رجل فقال: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال: لا") قال الداودي: أرى هذا المحفوظ، وليس فيه أنه عتب عليه.

                                                                                                                                                                                                                              ورواية سعيد بن جبير إثر هذا: (فسئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه) وهذا موضع العتاب.

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف الكلام عليه في كتاب العلم.

                                                                                                                                                                                                                              والسرب: المسلك والمذهب. ويقصان آثارهما: يتبعان ويجوز بالسين، ومعناه: رجعا من الطريق الذي سلكاه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 471 ] والنول بفتح النون وسكون الواو: العطاء والأجر. إمرا : منكرا، قاله مجاهد.

                                                                                                                                                                                                                              وقد أخرجه ابن المنذر من حديث ابن جريج عنه.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الكسائي: شديدا من قولك: أمر القوم، إذا كثروا واشتد أمرهم.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: الإمر: العجب، وقيل: الداهية.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (وأومأ سفيان بأطراف أصابعه) كذا في الأصل بالهمز.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن التين: كتب بالياء وصوابه الهمز.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (أقتلت نفسا زاكية) هي قراءة أهل الكوفة. قال الفراء والكسائي وأبو حاتم: زاكية وزكية بمعنى، مثل عالم عليم.

                                                                                                                                                                                                                              وفرق أبو عمرو بينهما فاختار زاكية، وزعم أن الزاكية التي لا ذنب لها، والذي قتله الخضر كان طفلا. وأنكر هذه التفرقة أهل اللغة، وقال أبو عمرو: الصواب زكية في الحال و(زاكية) في غد.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل زكية زنته فيعلة مثل ميتة، فاجتمع حرفا علة سبق أولهما بالسكون فقلبت ياء، وأدغمت الياء في الياء، ونقلت حركة الأولى إلى الكاف. وهذا غير صحيح; لأن زكية ليس وزنه فيعلة، وإنما وزنه فعيلة.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("ووددنا أن موسى صبر حتى يقص علينا من خبرهما") استدل به بعضهم على وفاة الخضر؛ إذ لو كان حيا لمضى إليه واطلع على علمه. ولا يلزم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 472 ] والخضر لم يمت على المختار.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (ثم قال لي سفيان: سمعته مثله مرتين وحفظته منه. قيل لسفيان: أحفظته قبل أن تسمعه من عمرو أو تحفظته من إنسان؟ فقال: ممن أتحفظه؟ ورواه أحد عن عمرو غيري؟! سمعته منه مرتين أو ثلاثا وحفظته منه).

                                                                                                                                                                                                                              وهذا رواه أبو ذر الهروي ثنا أبو إسحاق المستملي، ثنا الفربري، ثنا علي بن خشرم، عن سفيان، فذكره.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ("إنما سمي الخضر; لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء") وقد سلف الكلام عليه في العلم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية