الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وأن تصبروا خير لكم ) ظاهره الإخبار عن صبر خاص ، وهو غير نكاح الإماء ، وقاله ابن عباس ومجاهد وابن جبير والسدي : وجهة الخيرية كونه لا يرق ولده ، وأن لا يبتذل هو ، وينتقص في العادة بنكاح الأمة . وفي سنن ابن ماجه من حديث أنس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر ) وجاء في الحديث : ( انكحوا الأكفاء واختاروا لنطفكم ) . وقيل : المراد وإن تصبروا عن الزنا بنكاح الإماء خير لكم ، وعلى هذا فالخيرية ظاهرة . ويكون على هذا القول في الآية إيناس لنكاح الإماء ، وتقريب منه ، إذ كانت العرب تنفر عنه . وإذا جعل ( وأن تصبروا ) عاما - اندرج فيه الصبر المقيد ، وهو عن نكاح الإماء ، وعن الزنا . إذ الصبر خير من عدمه ، لأنه يدل على شجاعة النفس وقوة عزمها ، وعظم إبائها ، وشدة حفاظها . وهذا كله يستحسنه العقل ، ويندب إليه الشرع ، وربما أوجبه في بعض المواضع . وجعل الله تعالى أجر الصابر موفاة بغير حساب ، وقد قال بعض أهل العلم : إن سائر العبادات لا بد لها من الصبر . قال تعالى : ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) .

( والله غفور رحيم ) لما ندب بقوله : وأن تصبروا إلى الصبر عن نكاح الإماء ، صار كأنه في حيز الكراهة ، فجاء بصفة الغفران المؤذنة بأن ذلك مما سامح فيه تعالى ، وبصفة الرحمة حيث رخص في نكاحهن وأباحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية