الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذا الموءودة وهي البنت التي تدفن حية من الوأد وهو الثقل كأنها سميت بذلك لأنها تثقل بالتراب حتى تموت. وقيل: هو مقلوب الأوتد وحكاه المرتضى في درره عن بعض أهل اللغة، وهو غير مرتضى عند أبي حيان، وكانت العرب تئد البنات مخافة لحوق العار بهم من أجلهن، وقيل: مخافة الإملاق، ولعله بالنسبة إلى بعضهم ومنهم من يقول: الملائكة بنات الله سبحانه عما يقولون فألحقوا البنات به تعالى فهو عز وجل أحق بهن. وذكر غير واحد أنه كان الرجل منهم إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية، وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية فيقول لأمها: طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها وقد حفر لها بئرا في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها: انظري فيها، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تستوي البئر بالأرض، وقيل: كانت الحامل إذا قربت حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة، فإذا ولدت بنتا رمت بها فيها، وإن ولدت ابنا حبسته، ورأيت إذ أنا يافع في بعض الكتب أن أول قبيلة وأدت من العرب ربيعة؛ وذلك أنهم أغير عليهم، فنهبت بنت لأمير لهم فاستردها بعد الصلح فخيرت برضا منه بين أبيها ومن هي عنده فاختارت من هي عنده وآثرته على أبيها، فغضب وسن لقوله الوأد ففعلوه غيرة منهم ومخافة أن يقع لهم بعد مثل ما وقع، وشاع في العرب غيرهم، والله تعالى أعلم بصحة ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ البزي في رواية: «المؤدة» كمعونة فاحتمل أن يكون [ ص: 53 ] الأصل «الموءودة» كقراءة الجمهور فنقل حركة الهمزة إلى الواو قبله، وحذفت ثم همزت تلك الواو، واحتمل أن يكون اسم مفعول من «آد» والأصل المأوودة فحذفت أحد الواوين فصارت الموءودة كما حذفت من مقوول فصار مقولا. وقرئ: «الموودة» بضم الواو الأولى وتسهيل الهمزة أعني التسهيل بحذفها ونقل حركتها إلى ما قبلها. وفي مجمع البيان والعهدة عليه روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وابن عباس رضي الله تعالى عنهم أنهم قرءوا: «المودة» بفتح الميم والواو والمراد بها الرحم والقرابة، وعن أبي جعفر قرابة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ويراد بقتلها قطعها أو هو على حقيقته، والإسناد مجازي، والمراد قتل المتصف بها. وتوجيه السؤال إلى الموءودة في قوله تعالى: سئلت بأي ذنب قتلت دون الوائد مع أن الذنب له دونها لتسليتها وإظهار كمال الغيظ والسخط لوائدها وإسقاطه عن درجة الخطاب والمبالغة في تبكيته؛ فإن المجني عليه إذا سئل بمحضر الجاني ونسبت إليه الجناية دون الجاني كان ذلك بعثا للجاني على التفكر في حال نفسه وحال المجني عليه، فيرى براءة ساحته وأنه هو المستحق للعتاب والعقاب، وهذا نوع من الاستدراج واقع على طريق التعريض كما في قوله تعالى: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبي وابن مسعود والربيع بن خيثم وابن يعمر «سألت»؛ أي: خاصمت أو سألت الله تعالى أو قاتلها وإنما قيل: قتلت لما أن الكلام إخبار عنها لا حكاية لما خوطبت به حين سئلت ليقال: قتلت على الخطاب ولا حكاية لكلامها حين سألت ليقال قتلت على الحكاية عن نفسها، وقد قرأ كذلك علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس وابن مسعود أيضا وجابر بن يزيد وأبو الضحى ومجاهد، وقرأ الحسن والأعرج «سيلت» بكسر السين؛ وذلك على لغة من قال: سال بغير همز، وقرأ أبو جعفر بشد الياء لأن الموءودة اسم جنس فناسب التكثير باعتبار الأشخاص وفي الآية دليل على عظم جناية الوأد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أخرج البزار والحاكم في الكنى والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: جاء قيس بن عاصم التميمي إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: إني وأدت ثماني بنات لي في الجاهلية، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: «أعتق عن كل واحدة رقبة» قال: إني صاحب إبل قال: «فاهد عن كل واحدة بدنة».

                                                                                                                                                                                                                                      وكان الأمر للندب لا للوجوب؛ لتوقف صحة التوبة عليه؛ فإن الإسلام يجب ما قبله من مثل ذلك، وفيه تعظيم أمر الوأد، وكان من العرب من يستقبحه كصعصعة بن ناجية المجاشعي جد الفرزدق كان يفتدي الموءودات من قومه بني تميم، وبه افتخر الفرزدق في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      وجدي الذي منع الوائدات فأحيا الوئيد فلم توأد



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عنه قال: قلت: يا رسول الله، إني عملت أعمالا في الجاهلية فهل فيها من أجر؟ أحييت ثلاثمائة وستين من الموءودة، أشتري كل واحدة منهن بناقتين عشراوين وجمل. فهل لي في ذلك من أجر؟ فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: «لك أجره إذ من الله تعالى عليك بالإسلام».

                                                                                                                                                                                                                                      وعد من الوأد العزل لما أخرج الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطبراني وابن مردويه عن خذامة بنت وهب قالت: سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن العزل فقال: «ذلك الوأد الخفي».

                                                                                                                                                                                                                                      ومن هنا قيل بحرمته، وأنت تعلم أن المسألة خلافية؛ فقد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: العزل وهو أن يجامع فإذا قارب الإنزال نزع، وأنزل خارج الفرج مكروه عندنا في كل حال امرأة، سواء رضيت أم لا؛ لأنه طريق إلى قطع النسل، وأما التحريم فقد قال أصحابنا - يعني الشافعية - لا يحرم في مملوكته ولا في زوجته الأمة، سواء رضيت أم لا؛ لأن عليه ضررا في مملوكته بمصيرها أم ولد، وامتناع بيعها، وعليه ضرر في زوجته الرقيقة بمصير ولده رقيقا تبعا لأمه، وأما زوجته الحرة فإن أذنت فيه لم يحرم، وإلا فوجهان أصحهما لا يحرم، ثم الأحاديث التي ظاهرها التعارض في هذا المطلب يجمع بينها بأن ما ورد منها في النهي محمول على كراهة التنزيه، وما ورد في الإذن في ذلك محمول على أنه ليس بحرام وليس [ ص: 54 ] معناه نفي الكراهة انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجيب على الحديث السابق بأن تسميته بالوأد الخفي لا يدل على أن حكمه حكم الوأد الظاهر؛ فقد صح أن الرياء شرك خفي ولم يقل أحد بأن حكمه حكمه، ولا يبعد أن يكون الاستمناء باليد كالعزل وأدا خفيا. وذكر بعضهم أنه إذا لم يخش الزنا حرام، وإن خشي لم يحرم وكذا لا يبعد أن يكون التفخيذ مع من يحل له وطؤها كذلك ولم أر قائلا بحرمته، وتمام الكلام في هذا المقام في كتب الفقه فلتراجع. واستدل الزمخشري بالآية على أن أطفال المشركين لا يعذبون وعلى أن العذاب لا يستحق إلا بالذنب، أما الأول فلأن تبكيت قاتلها يباين تعذيبها لأن استحقاق التبكيت لبراءتها من الذنب فمتى بكت سبحانه الكافر ببراءتها من الذنب كيف يكر سبحانه عليها فيفعل بها ما ينسى عنده فعل المبكت من العذاب السرمدي، وأما الثاني فلإشارة قوله تعالى: بأي ذنب قتلت إلى أن القتل إنما يصار إليه بذنب وأنه لا يستحسن ارتكابه دونه، ومعلوم أن في معناه كل تعذيب، ثم الآية لما دلت على أن الموءودة لا ذنب لها ليتم التبكيت تضمنت عدم استحقاقها العقاب. وزعم أن ابن عباس سئل عن ذلك فاحتج بهذه الآية وتعقب بأن مبنى ما ذكره التحسين والتقبيح، وقد بين ما فيهما في موضعه. وعلى التسليم نمنع انحصار سبب التبكيت في البراءة على أن القتل للباعث المذكور في القرآن بمعنى خشية الإملاق رذيلة يستحق بها التبكيت استحق بها المقتول التعذيب الأخروي أولا، وإشارة الآية على أن باعثهم على القتل لم يكن الذنب لا إلى أن الذنب أعني ما تستحق به الموءودة التعذيب معدوم من كل وجه، وما روي عن ابن عباس لا نسلم صحته وفي الأخبار ما ينافيه.

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الإمام أحمد والنسائي وغيرهما عن سلمة بن يزيد الجعفي عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: «الوائدة والموءودة في النار، إلا أن تدرك الوائدة الإسلام فيعفو الله تعالى عنها».

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن أولاد المشركين، فقال: «الله تعالى إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين».

                                                                                                                                                                                                                                      وتفسيره على ما قيل ما روى أبو داود عن عائشة قلت: يا رسول الله، ذراري المؤمنين؟ فقال: «من آبائهم» قلت: بلا عمل؟ قال: الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين» قلت: يا رسول الله، فذراري المشركين؟ فقال: «من آبائهم» قلت: بلا عمل؟ قال: الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين».

                                                                                                                                                                                                                                      وفي مسند الإمام أحمد سألت خديجة عن ولدين ما بالهما في الجاهلية؟ فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «هما في النار» وأنت تعلم أن في مسألة الأطفال من هذه الحيثية ما عدا أطفال الأنبياء عليهم السلام فإنهم أجمع على كونهم من أهل الجنة، كما قال اللقاني خلافا فقد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة؛ لأنه ليس مكلفا، وتوقفت فيه بعض من لا يعتد به لحديث عائشة: توفي صبي من الأنصار فقالت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه. قال صلى الله تعالى عليه وسلم: «أوغير ذلك يا عائشة، إن الله تعالى خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم».

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاب العلماء عنه بأنه لعله عليه الصلاة والسلام نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليل قاطع، ويحتمل أنه عليه الصلاة والسلام قال هذا قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة، فلما علم صلى الله تعالى عليه وسلم قال ذلك في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: «ما من مسلم يموت له ثلاث من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله تعالى الجنة بفضله ورحمته إياهم»

                                                                                                                                                                                                                                      وغير ذلك من الأحاديث. وأما أطفال المشركين ففيهم ثلاثة مذاهب؛ قال الأكثرون: هم في النار تبعا لآبائهم لحديث: سئل عن أولاد المشركين من يموت منهم صغيرا فقال عليه الصلاة والسلام: الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين».

                                                                                                                                                                                                                                      أي: وغير ذلك. وتوقف طائفة فيهم وقالت الثالثة -وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون- إنهم من أهل الجنة، ويستدل له [ ص: 55 ] بأشياء منها حديث إبراهيم الخليل عليه السلام حين رآه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في الجنة حوله أولاد الناس، قالوا: يا رسول الله، وأولاد المشركين قال: وأولاد المشركين» رواه البخاري في صحيحه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها قوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ولا يتوجه على المولود التكليف ويلزمه قول الرسول حتى يبلغ وهذا متفق عليه، والجواب عن حديث: «الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين» أنه ليس فيه تصريح بأنهم في النار، وحقيقة لفظة: «الله تعالى أعلم بما كانوا يعملون» لو بلغوا ولم يبلغوا، والتكليف لا يكون إلا بالبلوغ انتهى. وتعقب ما ذكره من الاحتمال في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها بأنه يأباه ما ذكره من حديث إبراهيم عليه السلام فإن حديث عائشة كان بالمدينة لأنه في صبي من الأنصار وبناؤه عليه الصلاة والسلام عليها إنما كان فيها، وحديث إبراهيم عليه السلام كان بمكة لأن الظاهر أن تلك الرؤية كانت ليلة المعراج وهو قد كان فيها، ومنه يعلم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قد علم أن الأطفال كلهم في الجنة يومئذ فكيف يحتمل أن يكون ما قاله بعد قاله قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة، وأيضا إذا كان حديث إبراهيم عليه السلام في مكة يضعف الجواب الأول عن حديث عائشة باحتمال أن تكون قالت ما قالت لأنه بلغها ذلك الحديث، ثم ما ذكر من أن المذاهب في أطفال المشركين ثلاثة؛ الظاهر أنه مبني على ما وقف عليه وإلا فهي غير منحصرة فيها بل منها أنهم في برزخ بين الجنة والنار، ومنها أنهم يمتحنون بدخول النار يوم القيامة، فمن كتب له السعادة أطاع بدخولها فيرد إلى الجنة، ومن كتب له الشقاوة امتنع فيسحب إلى النار كما جاء في بعض الروايات فلا يحكم على معين منهم بجنة ولا نار، وعليه حمل: «الله تعالى أعلم بما كانوا عاملين» وفي اختيارات الشيخ ابن تيمية أن هذا أحسن الأجوبة فيهم. وقال الجلال السيوطي هو الصحيح المعتمد، ومنها ما ذكره هذا الجلال واختاره الإمام الرباني الفاروقي السرهندي قدس سره أنهم يحشرون ثم يصيرون ترابا كالوحوش وإن أريد مما تقدم من أنهم في الجنة كونهم فيها كسائر أهلها فهناك قول آخر وهو أنهم فيها خدما لأهلها وقد نقله النسفي في بحر الكلام على أهل السنة والجماعة وفيه أحاديث جمة. والظاهر أن المراد بأطفال المشركين الأطفال الذين ولدوا لهم وهم مشركون ولو آمنوا بعد ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: السابق في ولدي خديجة هما في النار».

                                                                                                                                                                                                                                      وهو يعكر على من يقول: أطفال الذين ماتوا مشركين في النار وأطفال المشركين الذين آمنوا بعد موتهم في الجنة إكراما لهم. والذي أختاره القول بأن الأطفال مطلقا وكذا فرخ الزنا ومن جن قبل البلوغ في الجنة؛ فهو الأخلق بكرم الله تعالى وواسع رحمته عز وجل والأوفق للحكمة بحسب الظاهر والأكثر تأيدا بالآيات ولا بعد في ترجح الأخبار الدالة على ذلك بما ذكر على الأخبار الدالة على خلافه، والقول بأن ما تضمنته هاتيك الأخبار كان منه عليه الصلاة والسلام قبل علمه صلى الله تعالى عليه وسلم بأن الأطفال في الجنة بعيد عندي. نعم جوز أن يكون قد أخبر صلى الله تعالى عليه وسلم بأنهم من أهل النار بناء على أخبار الوحي به كأخباره بالوعيدات التي يعفو الله تعالى عنها من حيث إنه مقيد بشرط كان لم يشملهم الفضل مثلا لكنه لم يذكر معه كما لم يذكر معها لحكمة ثم أخبر عليه الصلاة والسلام بأنهم من أهل الجنة بناء على إخبار الوحي به أيضا، ويكون متضمنا للإخبار بأن شرط كونهم من أهل النار لا يتحقق فضلا من الله تعالى وكرما ويكون ذلك كالعفو عما يقتضيه الوعيد، ومثل ذلك إخباره بما ذكر بناء على مشاهدة كونهم في الجنة عند إبراهيم عليه السلام، فتأمل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية