الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من هذا التفصيل ، وطلقها على ألف درهم دفعتها إليه فطلقت بها ، وملكها في الظاهر على ما بيناه ، ثم بان له أن الدراهم رديئة معيبة فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون الألف معيبا فلا يخلو عيبها من أن يخرجها من جنس الصفة أو لا يخرجها فإن أخرجها من جنس الصفة فكانت نحاسا أو رصاصا لم يقع الطلاق ، لأنه قد تضمن وقوع الطلاق بدفعها أن تكون من دراهم الفضة ، فإذا لم توجد هذه الصفة فيها لم يقع الطلاق لعدم الصفة ، وإن كانت من جنس الفضة وقع الطلاق لوجود الصفة ، وهو لأجل العيب بالخيار بين المقام أو الرد ، فإن أقام لم يرجع بأرشها وإن رد فماذا يرجع ؟ على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : بمثلها غير معيبة .

                                                                                                                                            والثاني : بمهر المثل .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون الألف غير معيبة فعلى ضربين .

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون عيبها لا يخرجها من جنس الصفة ، وإنما هي من رديء الفضة وخشنها لرداءة معدنها ، فالطلاق هاهنا قد وقع ، وهو بالخيار بين أن يسمح بعيبها كما يسمح بعيب المعيب وبين أن يردها ويرجع بمثلها من جيد الفضة غير معيب ولا يرجع بمهر المثل قولا واحدا ، لأن حقه في ألف درهم غير معيبة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون عيبها ورداءتها قد أخرجها من جنس الفضة لما فيها من رصاص أو ماس فالطلاق هاهنا غير واقع ، لأنه جعل طلاقها مشروطا بدفع ألف درهم ، وهذه لما فيها من الغش أقل من ألف درهم ، فلم تطلق لنقصان الفضة ، ولكن [ ص: 45 ] لو دفعت إليه أكثر من ألف درهم فيها من الفضة ألف درهم طلقت لوجود الفضة وزيادة الغش ، وله بدلها إن شاء .

                                                                                                                                            فإن قيل : فعلى هذا إن دفعت إليه ألف درهم نقرة فضة ينبغي على هذا التعليل أن تطلق .

                                                                                                                                            قيل : لا تطلق بالفضة النقرة وإن طلقت بالفضة في الدراهم المغشوشة ، لأن النقرة لا ينطلق اسم الدراهم عليها ، وإن كانت فضة ، والدراهم المغشوشة ينطلق اسم الدراهم عليها إذا كان فيها فضة فافترقا في الحكم لافتراقهما في الاسم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية