الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1275 ( باب الدفن بالليل )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان مشروعية دفن الميت في الليل ، وإنما لم يفسر الجواز بل أطلق الترجمة لمكان الاختلاف فيه ، فذهب الحسن البصري وسعيد بن المسيب وقتادة وأحمد في رواية إلى كراهة دفن الميت بالليل ، واحتجوا في ذلك بحديث جابر رضي الله تعالى عنه أخرجه أحمد والطحاوي قال : " إن رجلا من بني عذرة دفن ليلا ولم يصل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهى عن الدفن بالليل " ، وروى الطحاوي من حديث نافع عن ابن عمر قال : " لا تدفنوا أمواتكم بالليل " ، وقال ابن حزم : لا يجوز أن يدفن أحد ليلا إلا عن ضرورة ، وكل من دفن ليلا منه صلى الله عليه وسلم ومن أزواجه وأصحابه رضي الله تعالى عنهم فإنما ذلك لضرورة أوجبت ذلك من خوف زحام أو خوف الحر على من حضر ، وحر المدينة شديد ، أو خوف تغير أو غير ذلك مما يبيح الدفن ليلا ، لا يحل لأحد أن يظن بهم خلاف ذلك ، وذهب النخعي والزهري والثوري وعطاء وابن أبي حازم ومطرف بن عبد الله وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في الأصح وإسحاق إلى أن دفن الميت بالليل يجوز ، واحتجوا بحديث الباب ، وبما رواه أبو داود من حديث عمرو بن دينار قال : أخبرني جابر بن عبد الله أو سمعت جابر بن عبد الله قال : " رأى ناس نارا في المقبرة فأتوها ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر ، وإذا هو يقول : ناولوني صاحبكم ، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر " .

                                                                                                                                                                                  وقال الطحاوي : النهي في حديث جابر المذكور ليس لأجل كراهة الدفن بالليل ، ولكن لإرادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي على جميع المسلمين لما يكون لهم في ذلك من الفضل والخير ببركة صلاته عليهم لأنه قال في حديث يزيد بن [ ص: 151 ] ثابت : فإن صلاتي عليهم رحمة ، ولأن صلاته عليهم نور في قبورهم ، وذكر فيه وجها آخر وهو ما ذكره عن الحسن أن قوما كانوا يسيئون أكفان موتاهم فيدفنونهم ليلا فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك ، وقال أيضا : وقد فعل ذلك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفن بالليل ، وروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت : دفن علي بن أبي طالب فاطمة ليلا ، وروي عنها أنها قالت : دفن أبو بكر ليلا .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية