الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا ) استئجار ( حائض ) أو نفساء مسلمة ( لخدمة مسجد ) أو تعليم قرآن [ ص: 137 ] إجارة عين وإن أمنت التلويث لاقتضاء الخدمة المكث وهي ممنوعة منه بخلاف الذمية على ما مر وبطرو نحو الحيض ينفسخ العقد كما يأتي ( وكذا ) حرة ( منكوحة لرضاع أو غيره ) مما لا يؤدي إلى خلوة محرمة فلا يجوز استئجارها إجارة عين ( بغير إذن الزوج على الأصح ) لاستغراق أوقاتها بحقه ومنه يؤخذ ترجيح ما بحثه الأذرعي أنه لو كان غائبا أو طفلا فآجرت نفسها لعمل ينقضي قبل قدومه وتأهله للتمتع جاز واعتراض الغزي له بأن منافعها مستحقة له بعقد النكاح مردود بأنه لا يستحقها بل يستحق أن ينتفع وهو متعذر منه أما الأمة فلسيدها إيجارها الوقت الذي لا يجب تسليمها للزوج فيه بغير إذنه ، وأما مع إذنه [ ص: 138 ] فيصح وليس للمستأجر منعه من وطء المرضعة خوف الحبل وانقطاع اللبن كما في الروضة وعن الأصحاب المنع كمنع الراهن من وطء المرهونة ويفرق بأن الراهن هو الذي حجر على نفسه بتعاطيه لعقد الرهن بخلاف الزوج وإذنه ليس كتعاطي العقد كما هو ظاهر وله استئجار زوجته لإرضاع ولده منها أو من غيرها وأفتى السبكي بمنع استئجار العكامين للحج والأوجه خلافه إذ لا مزاحمة بين الحج والعكم ؛ لأنه لا يستغرق الأزمنة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله مسلمة ) خرجت الكافرة وهل مع أمن التلويث [ ص: 137 ] قوله بخلاف الذمية ) أي الإجارة للذمية ( قوله بخلاف الذمية على ما مر ) لو أتت بالعمل بنفسها في هذه الحال بأن كنست المسجد بنفسها في حال الحيض فينبغي أن تستحق الأجرة ، وإن أثمت بالمكث فيه لحصول المقصود مع ذلك وبذلك يفارق ما لو استأجره لقراءة القرآن عند قبر مثلا فقرأه جنبا فإن الظاهر عدم استحقاقه الأجرة وذلك لعدم حصول المقصود ؛ لأنه لما أتى بالقرآن على وجه محرم بأن قصد القراءة أو على وجه يصرفه عن حكم القرآن كأن أطلق انتفى المقصود أو نقص وهو الثواب أو نزول الرحمة عنده م ر ( فرع )

                                                                                                                              سامع قراءة الجنب حيث حرمت هل يثاب لا يبعد الثواب ؛ لأنه استماع للقرآن ولا ينافي ذلك الحرمة على القارئ م ر ( قوله وبطرو نحو الحيض ينفسخ العقد ) أي في العينية ، وهذا قد يشكل على جواز إبدال المستوفى به ؛ إذ قياسه عدم الانفساخ وإبدال خدمة المسجد بخدمة بيت مثله إذ المسجد نظير الصبي المعين للإرضاع والثوب المعين للخياطة والخدمة نظير للإرضاع والخياطة ( قوله لعمل ينقضي قبل قدومه ) فلو حضر قبل فراغ المدة فينبغي الانفساخ في الباقي م ر ( قوله أما الأمة فلسيدها إيجارها إلخ ) نعم المكاتبة كالحرة كما قاله الأذرعي لانتفاء سلطنة السيد [ ص: 138 ] عليها والعتيقة الموصى بمنافعها أبدا لا يعتبر إذن الزوج في إيجارها كما قاله الزركشي شرح م ر

                                                                                                                              ( قوله ويفرق بأن الراهن إلخ ) كذا شرح م ر وهذا الفرق يدل على أن السيد لو آجر أمته الخلية امتنع عليه وطؤها ؛ لأنه حجر على نفسه بتعاطيه عقد الإجارة وهو محل نظر والفرق بينه وبين الراهن لائح ( قوله والأوجه خلافه إلخ ) كذا شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله إجارة عين ) وأما إجارة من ذكر في الذمة فتصح ولا يصح الاستئجار لتعليم التوراة والإنجيل والسحر والفحش والنجوم والرمل ولا لختان صغير لا يحتمل ولا لختان كبير في شدة برد وحر ولا لزمر ونياحة وحمل مسكر غير محترم إلا للإراقة ولا لتصوير حيوان وسائر المحرمات ولا يحل أخذ عوض على شيء من ذلك كبيع الميتة وكما يحرم أخذ عوض على ذلك يحرم إعطاؤه إلا لضرورة كفك أسير وإعطاء شاعر دفعا لهجوه وظالم دفعا لظلمه ا هـ نهاية زاد المغني في الأول ولا لتثقيب الأذن ، ولو لأنثى وفي الآخر والجائر ليحكم بالحق فلا يحرم الإعطاء عليها ا هـ قال ع ش قوله فتصح ، ولو أتت بالعمل بنفسها في هذه الحالة بأن كنست المسجد بنفسها في حال الحيض فينبغي أن تستحق الأجرة وإن أثمت بالمكث فيه لحصول المقصود مع ذلك وبذلك يفارق ما لو استأجره لقراءة القرآن عند قبر مثلا فقرأ جنبا فإن الظاهر عدم استحقاقه الأجرة وذلك لعدم حصول المقصود ؛ لأنه إذا أتى بالقرآن على وجه محرم بأن قصد القراءة أو على وجه غير محرم يصرفه عن حكم القراءة كأن أطلق انتفى المقصود أو نقص وهو الثواب أو نزول الرحمة عنده ( فرع )

                                                                                                                              سامع قراءة الجنب حيث حرمت هل يثاب لا يبعد الثواب ؛ لأنه استماع للقرآن ولا ينافي ذلك الحرمة على القارئ م ر ا هـ سم ا هـ وقوله فينبغي أن تستحق إلخ سيأتي عن النهاية والمغني ما يخالفه ( قوله بخلاف الذمية ) محترز مسلمة عبارة المغني وشرح الروض أما الكافرة إذا أمنت التلويث فالأشبه الصحة كما قاله الأذرعي بناء على ترجيح الأصح من تمكين الكافر الجنب من المكث بالمسجد ؛ لأنها لا تعتقد حرمته ا هـ قال ع ش ولو قيل بعدم صحة إجارة الذمية وإن قلنا بعدم منع الكافر الجنب من المكث في المسجد لم يبعد ؛ لأن في صحة الإجارة تسليطا لها على دخول المسجد ومطالبتها منا بالخدمة وفرق بين هذا وبين مجرد عدم المنع ويؤيد ذلك ما صرحوا به من حرمة بيع الطعام للكافر في نهار رمضان مع أنا لا نتعرض له إذا وجدناه يأكل أو يشرب ا هـ وهو وجيه والله أعلم ( قوله على ما مر ) أي في باب الحدث ا هـ رشيدي ( قوله وبطرو نحو الحيض ينفسخ العقد ) أي في العينية وهذا قد يشكل على جواز إبدال المستوفى به إذ قياسه عدم الانفساخ وإبدال خدمة المسجد بخدمة بيت مثله سم على حج ا هـ ع ش ( قوله ينفسخ العقد ) فلو دخلت وكنست عصت ولم تستحق أجرة وفي معنى الحائض المستحاضة ومن به سلس بول أو جراحة نضاحة يخشى منها التلويث نهاية ومغني ( قوله منكوحة ) أي لغير المستأجر وتملك منافع نفسها أما لو كانت مستأجرة فلا يصح أن تؤجر نفسها قطعا مغني ونهاية ( قوله ومنه يؤخذ ) أي من التعليل ( قوله لعمل ) أي تعمله في بيتها ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله ينقضي قبل قدومه ) فلو حضر قبل فراغ المدة فينبغي الانفساخ في الباقي م ر ا هـ سم و ع ش ومثله يقال في التأهل قبل فراغ المدة على خلاف العادة ( قوله مردود ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله أما الأمة فلسيدها إلخ ) نعم المكاتبة كالحرة كما قاله الأذرعي لانتفاء سلطنة السيد عليها والعتيقة الموصى بمنافعها أبدا لا يعتبر إذن الزوج في إيجارها كما قاله الزركشي نهاية ومغني ( قوله أما مع إذنه إلخ ) محترز قول المصنف بغير إذن الزوج ا هـ سيد عمر ( قوله [ ص: 138 ] أما مع إذنه ) أي الزوج ، ولو اختلفا في الإذن وعدمه صدق الزوج ؛ لأن الأصل عدم الإذن ا هـ ع ش ( قوله فيصح ) أي قطعا ا هـ مغني ( قوله خوف الحبل ) أي أما الوطء المضر بالطفل حالا فيمتنع كما يأتي له م ر بعد قول المصنف وتصح لحضانة وإرضاع ا هـ ع ش ( قوله كما هو ظاهر ) لأن الإذن لا يستلزم العقد الموجب لاستحقاق المنفعة بخلاف نفس الرهن مع الإقباض فإنه مستلزم للحجر عليه في المرهون بحق المرتهن ا هـ ع ش ( قوله العكامين ) العكام من العكم أي الشد فإطلاقه على أجير الحجاج ؛ لأنه يشد الرحال ( قوله لا مزاحمة إلخ ) أي لا منافاة إذ يمكن أن يأتي بأعمال الحج من غير إخلال بالعمل الأول ا هـ كردي ( قوله لأنه ) أي العكم و ( قوله الأزمنة ) أي أزمنة العكام أو أزمنة أعمال الحج .




                                                                                                                              الخدمات العلمية