الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا تقتلوا أنفسكم ) ظاهره النهي عن قتل الإنسان نفسه كما يفعله بعض الجهلة بقصد منه ، أو بحملها على غرر يموت بسببه ، كما يصنع بعض الفتاك بالملوك ، فإنهم يقتلون الملك ويقتلون بلا شك . وقد احتج عمرو بن العاص بهذه الآية حين امتنع من الاغتسال بالماء البارد ، وأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 232 ] احتجاجه . وقيل : يحتمل أن يكون المعنى : لا تفعلوا ما تستحقون به القتل من القتل والردة والزنا بعد الإحصان . قال ابن عطية : وأجمع المتأولون أن القصد النهي عن أن يقتل بعض الناس بعضا . وقال الزمخشري عن الحسن : إن المعنى لا تقتلوا إخوانكم انتهى . وعلى هذا المعنى أضاف القتل إلى أنفسهم لأنهم كنفس واحدة ، أو من جنس واحد ، أو من جوهر واحد . ولأنه إذا قتل قتل على سبيل القصاص ، وكأنه هو الذي قتل نفسه . وما ذكره ابن عطية من إجماع المتأولين ذكر غيره فيه الخلاف . قال ما ملخصه : يحتمل أن يراد حقيقة القتل ، فيحتمل أن يكون المعنى : لا يقتل بعضكم بعضا . ويحتمل أن يكون المعنى : لا يقتل أحد نفسه لضر نزل به ، أو ظلم أصابه ، أو جرح أخرجه عن حد الاستقامة . ويحتمل أن يراد مجاز القتل أي : يأكل المال بالباطل ، أو بطلب المال والانهماك فيه ، أو يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى الهلاك ، أو بفعل هذه المعاصي والاستمرار عليها . فيكون القتل عبر به عن الهلاك مجازا كما جاء : شاهد قتل ثلاثا : نفسه ، والمشهود له ، والمشهود عليه ، أي : أهلك . وقرأ علي والحسن : ( ولا تقتلوا ) بالتشديد .

التالي السابق


الخدمات العلمية