الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                5516 [ ص: 465 ] ( 22 ) ما جاء في الحبشة وأمر النجاشي وقصة إسلامه

                                                                                ( 1 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض النجاشي ، قال : فبلغ ذلك قومنا ، فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد ، وجمعوا للنجاشي هدية فقدمنا وقدما على النجاشي ، فأتوه بهديته فقبلها ، وسجدوا ، ثم قال له عمرو بن العاص : إن قوما منا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك ، فقال لهم النجاشي : في أرضي ؟ قالوا : نعم ، فبعث إلينا فقال لنا جعفر : لا يتكلم منكم أحد ، أنا خطيبكم اليوم ، قال : فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلسه وعمرو بن العاص عن يمينه وعمارة عن يساره ، والقسيسون والرهبان جلوس سماطين ، وقد قال له عمرو بن العاص وعمارة : إنهم لا يسجدون لك ، قال : فلما انتهينا إليه زبرنا من عنده من القسيسين والرهبان : اسجدوا للملك ، فقال جعفر : لا نسجد إلا لله ، فلما انتهينا إلى النجاشي قال ، ما يمنعك أن تسجد ؟ قال : لا نسجد إلا لله ، قال له النجاشي ، وما ذاك ؟ قال : إن الله بعث فينا رسوله ، وهو الرسول الذي بشر به عيسى ابن مريم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر ، قال : فأعجب النجاشي قوله ، فلما رأى ذلك عمرو بن العاص قال : أصلح الله الملك ، إنهم يخالفونك في ابن مريم ؟ فقال النجاشي لجعفر : ما يقول صاحبك في ابن مريم ؟ قال : يقول فيه قول الله هو روح الله وكلمته أخرجه من البتول العذراء التي لم يقربها بشر ، قال : فتناول النجاشي عودا من الأرض فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ، ما يزيد ما يقول هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه ، مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده ، فأنا أشهد أنه رسول الله والذي بشر به عيسى ابن مريم ، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه ، امكثوا في أرضي ما شئتم ، وأمر لنا بطعام وكسوة ، وقال : ردوا على هذين هديتهما ، قال : وكان عمرو بن العاص رجلا قصيرا ، وكان عمارة بن الوليد رجلا جميلا ، قال : فأقبلا في البحر إلى النجاشي ، قال : [ ص: 466 ] فشربوا ، قال : ومع عمرو بن العاص امرأته ، فلما شربوا الخمر قال عمارة لعمرو : مر امرأتك فلتقبلني ، فقال له عمرو : ألا تستحيي ، فأخذه عمارة فرمى به في البحر فجعل عمرو يناشده حتى أدخله السفينة ، فحقد عليه عمرو ذلك ، فقال عمرو للنجاشي : إنك إذا خرجت خلف عمارة في أهلك ، قال : فدعا النجاشي بعمارة فنفخ في إحليله فصار مع الوحش .

                                                                                ( 2 ) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : لما قدم جعفر من أرض الحبشة لقي عمر بن الخطاب أسماء بنت عميس فقال لها : سبقناكم بالهجرة ونحن أفضل منكم ، قالت : لا أرجع حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فدخلت عليه فقالت : يا رسول الله ، لقيت عمر فزعم أنه أفضل منا وأنهم سبقونا بالهجرة ، قالت : قال نبي الله عليه الصلاة والسلام : بل أنتم هاجرتم مرتين ، قال إسماعيل : فحدثني سعيد بن أبي بردة قال : قالت يومئذ لعمر : ما هو كذلك ، كنا مطرودين بأرض البعداء البغضاء وأنتم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظ جاهلكم ويطعم جائعكم .

                                                                                ( 3 ) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه في قوله : ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق قال نزل ذلك في النجاشي .

                                                                                ( 4 ) حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الشعبي قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فقيل له : قدم جعفر من عند النجاشي ، قال : ما أدري بأيهما أنا أفرح ؟ بقدوم جعفر أو بفتح خيبر ؟ ثم تلقاه فالتزمه وقبل ما بين عينيه .

                                                                                ( 5 ) حدثنا خالد بن مخلد قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال : ثنا الزهري قال حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي قال : دعا النجاشي جعفر بن أبي طالب وجمع له رءوس النصارى ثم قال لجعفر : اقرأ عليهم ما معك من القرآن ، فقرأ عليهم كهيعص ففاضت أعينهم فنزلت ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق .

                                                                                ( 6 ) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين أنه ذكر عنده عثمان بن عفان ، قال رجل : إنهم يسبونه ، قال : ويحهم يسبون رجلا دخل على النجاشي في نفر من أصحاب [ ص: 467 ] محمد صلى الله عليه وسلم فكلهم أعطاه الفتنة غيره ، قالوا : وما الفتنة التي أعطوها ؟ قال : كان لا يدخل عليه أحد إلا أومأ إليه برأسه ، فأبى عثمان فقال : ما منعك أن تسجد كما سجد أصحابك ؟ فقال : ما كنت لأسجد لأحد دون الله .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية