الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن خالعته بغير إذن السيد فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تخالعه على عين في يدها ، فالخلع باطل ، سواء ملكها السيد تلك العين أو لم يملكها ، لأنه قد ملكها فملكت على قوله القديم لكان له عليها حجر فيها يمنع من التصرف ، وإذا كان كذلك نظر في طلاق الزوج ، فإن كان مقيدا بتملك تلك العين فهو غير واقع ، وإن كان ناجزا وقع ، وفيما يرجعه عليهما بعد عتقها قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : مهر مثلها .

                                                                                                                                            والثاني : مثل تلك العين ، أو قيمتها ، فلو أن السيد بعد أن خالعت على تلك [ ص: 83 ] العين أجاز خلعها لم يصح لوقوعه فاسدا .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تخالعه على مال في ذمتها ، فالخلع جائز وليس لها دفع المال من كسبها ، لعدم إذن السيد فيه ، ويكون في ذمتها إلى أن تؤديه بعد عتقها .

                                                                                                                                            فإن قيل : فكيف يصح أن يكون مؤجلا إلى وقت العتق وهو أجل مجهول .

                                                                                                                                            قيل : إنما تكون جهالة الأجل موجبة لفساد العقد ، إذا كان الأجل معلقا بالشرط دون الشرع ، ولا يبطل إذا كان واجبا بالشرع إلا أن ترى إعسار المشتري بالثمن يوجب إنظاره إلى وقت يساره ، ولو شرطته في العقد لم يجز .

                                                                                                                                            كذلك الأمة إذا خالعته بمال أوجب الشرع إنظارها به إلى وقت العتق جاز ، ولو شرطته إلى وقت العتق لم يجز ، وكان فاسدا يرجع عليها فيه بمهر المثل بعد العتق ، وهكذا خلع المدبرة ، وأم الولد والمعتقة بصفة لم تأت .

                                                                                                                                            فأما التي نصفها حر ، ونصفها مملوك ، فإن خالعته على ما يملكه بنصفها الحر جاز ، وكانت فيه كالحرة وإن خالعته على ما يملكه السيد لم يجز ، وكانت فيه كالأمة ، وإن خالعته على الأمرين صارت الصفة فيه جامعة لأمرين يختلف حكمهما فيكون على ما يوجبه تفريق الصفقة بعد جمعها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية