الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              162 - أويس بن عامر القرني سيد العباد ، وعلم الأصفياء من الزهاد أويس بن عامر القرني ، بشر النبي صلى الله عليه وسلم به ، وأوصى به أصحابه .

              حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن الهيثم ، ثنا أحمد بن الخليل الترجلاني ، ثنا أبو النضر ، ثنا سليمان بن المغيرة ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أسير بن جابر ، قال : كان محدث بالكوفة يحدثنا فإذا فرغ من حديثه يقول : تفرقوا ، ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم بكلامه ، فأحببته ففقدته ، فقلت لأصحابي : هل تعرفون رجلا كان يجالسنا كذا وكذا ؟ فقال رجل من القوم : نعم أنا أعرفه ، ذاك أويس القرني ، قلت : أفتعرف منزله ؟ قال : نعم ، فانطلقت معه حتى حجرته فخرج إلي ، فقلت : يا أخي ما حبسك عنا ؟ قال : العري ، قال : وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه ، قال : قلت : خذ هذا البرد فالبسه ، قال : لا تفعل فإنهم إذا يؤذونني إذا رأوه ، قال : فلم أزل به حتى لبسه ، فخرج عليهم ، فقالوا : من ترون خدع عن برده هذا ؟ فجاء فوضعه ، فقال : أترى ؟ قال : فأتيت المجلس ، فقلت : ما تريدون من هذا الرجل قد آذيتموه ، الرجل يعرى مرة ويكتسي مرة ، قال : فأخذتهم بلساني أخذا شديدا ، قال : فقضي أن أهل الكوفة وفدوا إلى - عمر بن الخطاب فوجد رجل ممن كان يسخر به ، فقال - عمر : هل ههنا أحد من القرنيين ؟ قال : فجاء ذاك الرجل فقال : أنا ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : إن رجلا يأتيكم من اليمن [ ص: 80 ] يقال له أويس ، لا يدع باليمن غير أم له ، وقد كان به بياض فدعا الله تعالى فأذهبه عنه إلا مثل موضع الدينار أو الدرهم ، فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم ، قال : فقدم علينا . قال : فقلت : من أين ؟ قال : من اليمن ، قلت : ما اسمك ؟ قال : أويس ، قال : فمن تركت باليمن ؟ قال : أما لي ، قال : أكان بك بياض فدعوت الله فأذهب عنك ؟ قال : نعم ، قال : فاستغفر لي ، قال : أويستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : فاستغفر له ، قال : قلت : أنت أخي لا تفارقني ، قال : فانملس مني وأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة ، قال : فجعل ذلك الرجل الذي كان يسخر منه يحقره ، قال : يقول : ما هذا فينا ولا نعرفه . قال - عمر : بلى ، إنه رجل كذا ، كأنه يضع شأنه ، قال : فينا رجل يا أمير المؤمنين ، يقال له أويس ، قال : أدرك ولا أراك تدرك ، فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله ، فقال له أويس : ما هذه بعادتك فما بدا لك ؟ قال :سمعت - عمر يقول كذا وكذا ، فاستغفر لي أويس ، قال : لا أفعل حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعد وأن لا تذكر الذي سمعته من - عمر إلى أحد ، فاستغفر له ، قال أسير : فما لبثنا أن فشا أمره بالكوفة ، قال : فدخلت عليه فقلت : يا أخي ألا أراك العجب ونحن لا نشعر ، فقال : ما كان في هذا ما أتبلغ به في الناس ، وما يجزى كل عبد إلا بعمله ، قال : ثم انملس منهم فذهب .

              رواه حماد بن سلمة ، عن الجريري نحوه ، ورواه زرارة بن أوفى ، عن أسير بن جابر ، وهذا حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه ، عن أبي خيثمة ، عن أبي النضر مختصرا ، وعن إسحاق بن إبراهيم ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن زرارة ، عن أسير مطولا .

              حدثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا معاذ بن هشام الدستوائي ، أخبرنا أبي ، عن قتادة ، عن زرارة ، عن أسير بن جابر ، قال : كان - عمر بن الخطاب إذا أتت عليه أمداد أهل اليمن سألهم : هل فيكم أويس بن عامر القرني ، فذكر نحو حديث أبي نضرة ، عن أسير بطوله .

              ورواه الضحاك بن مزاحم ، عن أبي هريرة بزيادة ألفاظ لم يتابعه عليها أحد ، تفرد به مجالد بن يزيد ، عن نوفل عنه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية