الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة أخبره عن زيد بن خالد الجهني أنه قال لأرمقن الليلة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتوسدت عتبته أو فسطاطه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم أوتر فتلك ثلاث عشرة ركعة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          268 265 [ ص: 440 ] - ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر ) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني قاضيها الثقة المتوفى سنة خمس وثلاثين ومائة وله سبعون سنة .

                                                                                                          ( عن أبيه ) أبي بكر اسمه وكنيته واحد ، وقيل : يكنى أبا محمد ثقة عابد تقدما غير مرة .

                                                                                                          ( أن عبد الله بن قيس بن مخرمة ) بفتح الميم وإسكان الخاء المعجمة وفتح الراء والميم الثانية ابن المطلب بن عبد مناف المطلبي قال العسكري : إنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                          وذكره ابن أبي خيثمة والبغوي وابن شاهين في الصحابة .

                                                                                                          وذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في كبار التابعين وأبوه صحابي ، روى هو عن أبيه وزيد بن خالد وأبي هريرة وابن عمر ، وعنه ابناه محمد والمطلب وإسحاق بن يسار والد محمد صاحب السيرة ، وثقه النسائي وعمل لعبد الملك بن مروان على العراق واستقضاه الحجاج على المدينة سنة ثلاث وسبعين ومات سنة ست وسبعين .

                                                                                                          ( أخبره عن زيد بن خالد الجهني ) المدني صحابي شهير ، مات بالكوفة سنة ثمان وستين أو سبعين وله خمس وثمانون سنة .

                                                                                                          ( أنه قال ) هذا هو الصواب .

                                                                                                          ووقع في رواية أبي أويس عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عبد الله بن قيس ، قال : لأرمقن ، رواه ابن أبي خيثمة وهو خطأ وأبو أويس كثير الوهم فسقط منه الصحابي ، وسماع أبي أويس كان مع مالك ، فالعمدة على رواية مالك وهي الصواب ، وقد أخرجه مسلم وأصحاب السنن من طريق مالك بهذا الإسناد عن زيد بن خالد أنه قال : ( لأرمقن ) بفتح الهمزة وإسكان الراء وضم الميم وفتح القاف والنون الثقيلة وأصله النظر إلى الشيء شزرا نظر العداوة ، واستعير هنا لمطلق النظر وعدل عن الماضي فلم يقل رمقت استحضارا لتلك الحالة الماضية ليقررها للسامع أبلغ تقرير أي لأنظرن ( الليلة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فتوسدت عتبته ) أي عتبة بابه أي جعلتها كالوسادة بوضع رأسي عليها ( أو فسطاطه ) بضم الفاء بيت من الشعر ، قال الباجي : والخبر بالتفسير الأول أشبه ، ويحتمل أن ذلك شك من الراوي وقال غيره : هو محمول على أن ذلك حين سمعه قام يصلي لا قبل ذلك لأنه من التجسس المنهي عنه ، وأما ترقبه للصلاة فمحمود .

                                                                                                          ( فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ) كذا في رواية يحيى ثلاثا ، وسائر أصحاب الموطأ قالوا ذلك مرتين فقط ، يعني [ ص: 441 ] بذلك المبالغة في طولهما ، كذا قال الباجي .

                                                                                                          والذي قاله أبو عمر بن عبد البر : إن يحيى قال طويلتين مرتين وغيره يقول ثلاث مرات وهو الصواب فإنه في رواية مسلم وغيره من طريق مالك ثلاثا .

                                                                                                          ( ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ) يعني في الطول ، قال ابن عبد البر : لم يتابع يحيى على هذا أحد من الرواة ، والذي في الموطأ عند جميعهم فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين فأسقط يحيى ذكر الركعتين الخفيفتين وذلك خطأ واضح ، لأن المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث زيد بن خالد وغيره كعائشة أنه كان يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين ، وقال أيضا طويلتين مرتين وغيره يقول ثلاث مرات ، فوهم يحيى في الموضعين ، وذلك مما عد عليه من سقطه وغلطه والغلط لا يسلم منه أحد .

                                                                                                          ( ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ) في الطول ، ( ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ) فذكرهما ست مرات أولاهما خفيفتين على الصواب ثم التالية أطولها ثم الأربع التي بعدها كل ركعتين أقصر مما قبلهما .

                                                                                                          ( ثم أوتر ) بواحدة ( فتلك ثلاث عشرة ركعة ) ذكر ذلك مع استفادته من العد لئلا يسقط ركعتان مثلا ، والحديث رواه مسلم والترمذي والنسائي عن قتيبة وأبو داود عن القعنبي والترمذي أيضا من طريق معن وابن ماجه من طريق عبد الله بن نافع أربعتهم عن مالك به كلهم مثل رواية الجمهور عنه ، إلا أنه لم يقع عند مسلم قوله : فتوسدت عتبته أو فسطاطه .




                                                                                                          الخدمات العلمية