الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وينظر الرجل من أمته التي تحل له وزوجته إلى فرجها ) وهذا إطلاق في النظر إلى سائر بدنها عن شهوة وغير شهوة . والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { غض بصرك إلا عن أمتك وامرأتك } ولأن ما فوق ذلك من المس والغشيان مباح فالنظر أولى ، إلا أن الأولى أن لا ينظر كل واحد منهما إلى عورة صاحبه لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ما استطاع ولا يتجردان تجرد العير } ولأن ذلك يورث النسيان لورود الأثر . وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : الأولى أن ينظر ليكون أبلغ في تحصيل معنى اللذة .

التالي السابق


( قوله والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { غض بصرك إلا عن أمتك وامرأتك } ) قال في الكافي بعد ذكر هذا الأصل الذي هو حديث أبي هريرة : وقالت عائشة رضي الله عنها : { كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد ، وكنت أقول بق لي بق لي . وهو يقول بق لي بق لي } ولو لم يكن النظر مباحا لما تجرد كل واحد منهما بين يدي صاحبه انتهى .

وقصد الشارح العيني تزييف الاستدلال على المدعى هاهنا بحديث عائشة رضي الله عنها فقال بعد أن ذكر الاستدلال بذلك : قلت : لا يتم الاستدلال بهذا ; لأنه لا يلزم أن يكون اغتسالهما معا بل يجوز أن يكون متعاقبين ولكن في ساعة واحدة . ولئن سلمنا فلا يدل ذلك على أن كلا منهما كان ينظر إلى فرج الآخر . كيف وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت { قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ير مني ولم أر منه } انتهى . أقول : ليس شيء من كلامه المنفي والتسليمي بصحيح .

أما الأول فلأن قولها رضي الله عنها وكنت أقول بق لي بق لي وهو يقول لي بق لي يدل قطعا على أن يكون اغتسالهما معا . إذ لو كان على التعاقب لما صح من المتقدم منهما طلب تبقية الماء من الآخر ، إذ المباشر أولا هو المتقدم فالتبقية وظيفته لا وظيفة الآخر ، فلا معنى لطلبها من الآخر .

وأما الثاني فلأن المدعى هاهنا مجرد جواز النظر إلى الفرج لا لزوم وقوعه ألبتة ، ولا شك أن تجرد كل واحد منهما بين يدي صاحبه يدل على جواز ذلك فإن التجرد سبب لرؤية العورة عادة ، فلو لم يكن النظر إليها مباحا للزوج لما وقع التجرد منهما للقطع بتحرز النبي صلى الله عليه وسلم عن مظان الحرمة .

ثم إن مجرد جواز النظر إلى فرج الزوج لا ينافي عدم وقوعه منهما تأدبا على مقتضى مكارم الأخلاق . فلا تدافع بين حديثي عائشة أصلا .




الخدمات العلمية