الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الرابع : في التغيرات الواردة عليه ، في الجواهر : إذا تغير قبل الطلاق بزيادة أو نقص أو بزيادة من وجه ونقصان من وجه فالزيادة [ ص: 361 ] عليهما ، والنقصان عليهما ; لأنهما شريكان ، وقيل : للمرأة وعليها ; لأن الأصل عدم الطلاق المشطر ، وهو على الخلاف في استقرار ملكها على الكل ، وعدم استقراره ، وفي الكتاب : كل ما هو معين فقبضته أم لا ، فحال سوقه أو نقص بدنه أو نمى أو توالد ، ثم طلق قبل البناء فله نصف ما وجد عند الطلاق ، ولو هلك بيدها لم يرجع بشيء ، أو بيده بنى من غير شيء ، وما يغاب عليه إذا هلك ضمنه إلا أن يعلم ذلك فيكون منها ، ومن أهلك شيئا ضمنه لصاحبه ، ومن أنفق شيئا حوسب به ، وإن جنى على العبد فالجناية بينهما ، ولو جنى بيدها خيرت في افتدائه ، فإن فدته لا يأخذ الزوج نصفه إلا بدفع نصف الفدية ، أو أسلمته فلا شيء للزوج إلا أن يحابي فتبطل محاباتها في نصف الزوج ، ولو جنى بيده فليس له دفعه بل للمرأة ، فإن ملكها هو الأصل بعد العقد ، فإن طلقها قبل تسليمه كان مثلها في نصفه ، فقال ابن يونس : وإذا ادعت تلفه صدقت فيما يصدق فيه المستعير مع يمينها ، قاله ابن القاسم ، وقال أصبغ : تضمن العين ، وإن قامت بينة بهلاكها بغير تفريط ; لأنها لا تتعين ، وإذا ادعت التلف فليس له مطالبتها بالشوار من مالها ; لأن ذلك إنما يلزم في الصداق بالعادة ، وقال عبد الملك : يلزمها ذلك إلا أن تقوم البينة ، وفي الكتاب : إذا استحق بعضه وفي إلزام باقيه ضرر كالرقيق يمنع الشركة من الوطء والسفر فلها رده وأخذ قيمته ، أو تحبس البقية وتأخذ قيمة المستحق ، فإن كان تافها وما لا يضر رجعت بقيمته فقط إلا في الرقيق فلها الرد وإن قل ، فإن استحق البعض فكالبيوع في التفرقة بين الجزء الشائع وبين المعين ، قال ابن يونس : قال ابن القاسم : إذا استحقت جملته فالنكاح ثابت ، وأتبعته بمثله إن كان مثليا ، أو بقيمته إن كان متقوما ، وإن كان لم يدخل تلوم السلطان [ ص: 362 ] له ، فإن جاء به وإلا فرق بينهما ، قال أصبغ : إن دخل منع حتى يدفع ولو ربع دينار ، أو بقي دون الاستحقاق ربع دينار ، وقال محمد : إن كان استعارة أو سرقة حيل بينهما وإن دخل حتى يدفع جملة المهر ، وإن تقدمت له فيه شبهة ملك اتبعته به ، ولا يفرق بينهما ; لأنه لم يدخل على عدم الصداق ، ولو تزوج بعبد ولده الصغير فهو للمرأة إن كان الأب معدما اتبع به في ذمته ، قاله مالك كشرائه لنفسه ، وكعتقه عن نفسه . فرع

                                                                                                                في الجلاب : إذا تزوجها بعبد معين فكان حرا فعليه قيمته عند ابن القاسم ; لأنه من ذوات القيم . وصداق مثلها عند عبد الملك لخلو العقد عن الصداق ; لأن الحر ليس بمال ، وقال ابن القاسم : في العتبية : زادت القيمة عن صداق المثل أو أقل ، ولا يفسخ النكاح تعمد أم لا ، وقال عبد الملك : يفسخ النكاح قبل البناء ، ويثبت بعده ، وإن لم يعلما جميعا لم يفسخ ، قال اللخمي : ولو قيل : لها الأقل من قيمته أو صداق المثل لكان وجها لرضاها بالعبد ، إلا أن يعلم أنها لو تزوجت بدنانير أو دراهم لم ترض إلا بما يكون قيمة العبد .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : فإن تزوجها على من يعتق عليها عتق بالعقد ، فإن طلق رجع بقيمته كانت موسرة أو معسرة ; لأنه دخل على ذلك ، ولا يتبع العبد بشيء ; لأن الشرع أعتقه ، ولا يرد عتقه ، كمعسر أعتق بعلم غريمه ، والزوج كان عالما ، وقد استحسن بعضه أيضا مالك أن لا يرجع عليها بشيء ; لأنها لم [ ص: 363 ] تنتفع بمال ، قال : والأول أحسن ; لأنها أحسنت بصداقها لقرابتها ، قال ابن يونس : إن لم يعلم الزوج أنه يعتق عليها إلا عند الطلاق أخذ نصفه ، وعتق نصفه إن كانت معسرة إلا أن يرضى باتباعها فيعتق كله ، ولو كان عالما ، وهي غير عالمة عتق عليه ، وغرم قيمته كالمقارض يشتري من يعتق على رب المال عالما ، وقال أيضا يعتق عليها علمت أم لا لوجود سبب عتقه ، وهو ملكها بكرا كانت أو ثيبا ، ويرجع عليها قبل البناء بنصف قيمته يوم أصدقها ، فإن لم يجد لها غيره ، وكان علم فليس له رد العتق ; لأنه دخل عليه واتبعها ، وإلا فله أخذ نصفه واتباعها ، وقيل في مسألة الكتاب : إنما يصح ذلك في الثيب أما في البكر فلا يجوز للولي ذلك ; لأنه ضرر ، قال عبد الملك : فإن تزوجها على أن يعتق لها أباها فالنكاح مفسوخ لعدم الصداق أو على أن يعتقه عنها فالولاء لها ، ولا شيء عليها ; لأنها لم تملكه ، وإن كان على أن يعتقه عن نفسه فالولاء له ، ويفسخ في الوجهين قبل البناء لعدم الصداق المعتبر ، ويثبت بعده ، ولها صداق المثل ، قال صاحب البيان : إذا تزوجها على عتق أبيها على نفسه ( ثلاثة أقوال : جوازه إن قال عن نفسه ) أو عنها ، لمالك ، ولا يجوز لا عن نفسه ولا عنها ، لعبد الملك ، وقال ابن القاسم : عن نفسه لا يجوز النكاح وعنها يجوز ، فإن لم يكن في ملكه فالمعروف لمالك عدم الجواز للغرر ، وروي الجواز ، وجواز النكاح إن لم يملكه ولا لها ولاؤه حيث لا يكون لها الولاء ; لأنه مال من ماله بعد الشراء ، ولو قالت : أعطيتك مالا ، وتعتقه جاز .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية