الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا تصح إمامة الأمي ، وهو من لا يحسن الفاتحة ، أو يدغم حرفا لا يدغم ، أو يبدل حرفا ، أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى إلا بمثله . وإن قدر على إصلاح ذلك لم تصح صلاته .

                                                                                                                          [ ص: 76 ]

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          [ ص: 76 ] ( ولا تصح إمامة الأمي ) منسوب إلى الأم ، وقيل : أمة العرب ( وهو من لا يحسن الفاتحة ) أي : لا يحفظها ، أي : لا تصح إمامته بمن يحسنها ، مضت السنة على ذلك ، قاله الزهري ; لأن القراءة شرط مقصود في الصلاة ، فلم يصح اقتداء القادر عليه بالعاجز عنه ، كالطهارة والسترة ; وهو يتحملها عن المأموم ، وليس هو من أهل التحمل ( أو يدغم ) في الفاتحة ( حرفا لا يدغم ) أي : في غير مثله ، وغير ما يقاربه في المخرج ; وهو الأرت ، وفي " المذهب " : هو الذي في لسانه عجلة تسقط بعض الحروف ( أو يبدل حرفا ) بغيره ; وهو الألثغ كمن يبدل الراء غينا ( أو يلحن فيها لحنا يحيل المعنى ) ككسر كاف ( إياك ) وضم تاء ( أنعمت ) وفتح همزة ( اهدنا ) في الأصح فيها . وظاهره : إذا لم يحل المعنى كفتح دال ( نعبد ) ونون ( نستعين ) لا يكون أميا ، وصرح به جماعة ; لأن المعنى المقصود حاصل ، وعنه : تصح في ذلك كله ، حكاها الآمدي ، وابن تميم ، وتأولها القاضي ، وقيل : إن لم يكثر ، وقيل : في نفل ، وظاهر ما ذكره المؤلف أنها لا تصح ، سواء علم المأمومون بحاله أو جهلوه ، فإن علموا كونه أميا لما سلم ، فوجهان ، وإن بطلت صلاة قارئ خلف أمي بطل فرض القارئ في ظاهر كلامه . ثم هل تبقى نفلا فتصح صلاة الكل ، أو لا تبقى فتبطل ، أو الإمام ؛ فيه أوجه ( إلا بمثله ) في الأصح ; لأنه يساويه ، فصحت إمامته كالعاجز عن القيام .

                                                                                                                          تنبيه : لا يصح اقتداء عاجز عن نصف الفاتحة الأول بعاجز عن نصفها الأخير ، ولا عكسه ، ولا اقتداء قادر على الأقوال الواجبة بالعاجز عنها ، فإن لم يحسنها [ ص: 77 ] وأحسن بقدرها من القرآن ، لم يجز أن يأتم بمن لا يحسن شيئا من القرآن ، وجوزه المؤلف ، قال ابن تميم : وفيه نظر ، وإن صلى خلف من يحسن دون السبع فوجهان .

                                                                                                                          فائدة : إذا شك قارئ في صلاة سر هل إمامه أمي صحت عملا بالظاهر ، فإن أسر في صلاة جهر فوجهان ، فإن أخبر أنه قرأ فلا إعادة عليهما ; لأن الظاهر صدقه ، وتستحب الإعادة ، ذكره في " الشرح " . ( وإن قدر على إصلاح ذلك لم تصح صلاته ) ولا صلاة من ائتم به ; لأنه ترك ركنا مع القدرة على الإتيان به ، أشبه تارك الركوع والسجود .



                                                                                                                          الخدمات العلمية