الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 155 ] فصل : إذا ادعى أن زوجته أخته من الرضاع ، فأنكرته ، فشهدت بذلك أمه أو ابنته ، لم تقبل شهادتهما ; لأن شهادة الوالدة لولدها والوالد لولده غير مقبولة . وإن شهدت بذلك أمها أو ابنتها ، قبلت . وعنه ، لا يقبل ; بناء على شهادة الوالد على ولده والولد على والده . وفي ذلك روايتان . وإن ادعت ذلك المرأة ، وأنكره الزوج ، فشهدت لها أمها أو ابنتها ، لم تقبل ، وإن شهدت لها أم الزوج أو ابنته ، فعلى روايتين . ( 6452 ) مسألة : قال : ( وإن كانت المرأة هي التي قالت : هو أخي من الرضاعة . فأكذبها ، ولم تأت بالبينة على ما وصفت ، فهي زوجته في الحكم ) وجملته أن المرأة إذا أقرت أن زوجها أخوها من الرضاعة فأكذبها ، لم يقبل قولها في فسخ النكاح ; لأنه حق عليها ، فإن كان قبل الدخول ، فلا مهر لها ; لأنها تقر بأنها لا تستحقه ، فإن كانت قد قبضته ، لم يكن للزوج أخذه منها ; لأنه يقر بأنه حق لها ، وإن كان بعد الدخول ، فأقرت أنها كانت عالمة بأنها أخته وبتحريمها عليه ، ومطاوعة له في الوطء ، فلا مهر لها أيضا ، لإقرارها بأنها زانية مطاوعة ، وإن أنكرت شيئا من ذلك ، فلها المهر ; لأنه وطء بشبهة ، وهي زوجته في ظاهر الحكم ; لأن قولها عليه غير مقبول ، فأما فيما بينها وبين الله تعالى ، فإن علمت صحة ما أقرت به ، لم يحل لها مساكنته وتمكينه من وطئها ، وعليها أن تفر منه ، وتفتدي نفسها بما أمكنها ; لأن وطأه لها زنى ، فعليها التخلص منه مهما أمكنها ، كما قلنا في التي علمت أن زوجها طلقها ثلاثا ، وجحدها ذلك .

                                                                                                                                            وينبغي أن يكون الواجب لها من المهر بعد الدخول أقل الأمرين من المسمى أو مهر المثل ; لأنه إن كان المسمى أقل ، فلا يقبل قولها في وجوب زائد عليه ، وإن كان الأقل مهر المثل ، لم تستحق أكثر منه ; لاعترافها بأن استحقاقها له بوطئها لا بالعقد ، فلا تستحق أكثر منه . وإن كان إقرارها بأخوته قبل النكاح لم يجز لها نكاحه ، ولا يقبل رجوعها عن إقرارها ، في ظاهر الحكم ; لأن إقرارها لم يصادف زوجية عليها يبطلها ، فقبل إقرارها على نفسها بتحريمه عليها . وكذلك لو أقر الرجل أن هذه أخته من الرضاع ، أو محرمة عليه برضاع أو غيره ، وأمكن صدقه ، لم يحل له تزوجها فيما بعد ذلك ، في ظاهر الحكم ، وأما فيما بينه وبين الله تعالى ، فينبني على علمه بحقيقة الحال ، على ما ذكرناه . ( 6453 )

                                                                                                                                            فصل : وإن ادعى أحد الزوجين على الآخر ، أنه أقر أنه أخو صاحبه من الرضاع ، فأنكر ، لم يقبل في ذلك شهادة النساء المنفردات ; لأنها شهادة على الإقرار ، والإقرار مما يطلع عليه الرجال ، فلم يحتج فيه إلى شهادة النساء المنفردات ، فلم يقبل ذلك ، بخلاف الرضاع نفسه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية