الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا تبتدأ صلاة ) فرضا أو نفلا من فذ أو جماعة [ ص: 324 ] أي يحرم ابتداؤها بالمسجد أو رحبته ( بعد ) الشروع في .

( الإقامة ) للراتب ( وإن أقيمت ) الصلاة للراتب ( وهو ) أي المصلي ( في صلاة ) نافلة أو فريضة بالمسجد أو رحبته ( قطع ) صلاته ودخل مع الإمام عقد ركعة أم لا ( إن خشي ) بإتمامها ( فوات ركعة ) قبل الدخول معه ( وإلا ) يخش فوات ركعة معه ( أتم النافلة ) عقد منها ركعة أم لا ( أو فريضة غيرها ) أي غير المقامة بأن كان في ظهر فأقيمت عليه العصر عقد ركعة أم لا ( وإلا ) بأن كانت عينها كأن أقيمت العصر وهو فيها ( انصرف في ) الركعة ( الثالثة ) التي لم يعقدها ( عن شفع ) بأن يرجع ويجلس ويسلم ثم يدخل مع الإمام فإن عقدها بالفراغ من سجودها على المعتمد كملها فريضة بركعة ولا يجعلها نافلة كما إذا أتم ركعتين من المغرب فأقيمت عليه وكذا إذا أتم الصبح فيما يظهر إلا أنه في المغرب يخرج وفي الصبح يدخل معه وشبه في الانصراف عن شفع قوله ( ك ) الركعة ( الأولى ) من الصلاة التي أقيمت عليه وهو بها ( إن عقدها ) بالفراغ من سجودها أيضا وهذا في غير المغرب والصبح وأما هما فيقطعهما ولو عقد ركعة لئلا يصير متنفلا بوقت نهي ( والقطع ) حيث قيل به ( بسلام أو ) مطلق ( مناف ) من كلام أو رفض .

( وإلا ) بأن لم يأت بسلام ولا مناف ودخل مع الإمام ( أعاد ) كلا من الصلاتين لأنه أحرم بصلاة وهو في صلاة لكنه إنما يعيد الأولى حيث كانت فريضة ( وإن أقيمت ) صلاة راتب ( بمسجد ) أو ما هو بمنزلته ( على محصل الفضل ) في تلك الصلاة بأن سبق له إيقاعها بجماعة ( وهو به ) أي بالمسجد أو رحبته [ ص: 325 ] ( خرج ) منه أو من رحبته وجوبا لئلا يطعن في الإمام ( ولم يصلها ) معه لامتناع إعادتها جماعة ( ولا ) يصلي فرضا ( غيرها وإلا ) يكن حصل الفضل بأن صلاها وحده أو بصبي وهي مما تعاد لفضل الجماعة ( لزمته ) مع الإمام خوف الطعن عليه بخروجه أو مكثه وينوي مفوضا مأموما .

فإن كانت مغربا أو عشاء بعد وتر خرج ( كمن لم يصلها ) وقد أقيمت عليه فيلزمه الدخول معه ( و ) إن أقيمت بالمسجد وقد أحرم بها ( ببيته ) يعني خارج المسجد ورحبته فإنه ( يتمها ) وجوبا كانت المقامة أو غيرها عقد منها ركعة أم لا خشي فوات ركعة من المقامة أم لا

[ ص: 324 ]

التالي السابق


[ ص: 324 ] قوله أي يحرم ابتداؤها ) أي لما في ذلك من الطعن في الإمام وحملت الكراهة في المدونة وابن الحاجب على التحريم قال ح وإذا فعل أجزأته وأساء وصرح بذلك التوضيح والقباب والبرزلي والأبي ا هـ بن .

( قوله أو رحبته ) أي لا الطرق المتصلة به فيجوز على أظهر القولين .

( قوله بعد الإقامة ) أي فالموضوع أن صلاة الإمام ذات إقامة فهي فرض فإن كانت صلاة الإمام نفلا منع الشروع في النفل فقط فإذا شرع الإمام الراتب في التراويح في المسجد فلك أن تصلي العشاء الحاضرة أو الفوائت في صلبه ولو أردت أن تصلي الوتر فقيل لك ذلك وقيل لا وهو الظاهر وأما لو أردت صلاة التراويح والحال أنه يصلي التراويح فإنه يحرم كذا قرر شيخنا العدوي وقوله للراتب أي وإلا فيجوز كيفما فعل والتقييد به يدل على تخصيص النهي بالمسجد كما صرح به ابن حبيب قال ابن يونس لأن النهي عن صلاتين معا إنما كان بالمسجد قاله بن والظاهر أن المراد بالمسجد الموضع الذي اعتيد للصلاة وله راتب كما يرشد له علة الطعن ا هـ شيخنا عدوي .

( قوله وهو في صلاة ) أي والحال أنه مخاطب بالدخول مع الإمام في المقامة بأن كان لم يصل تلك المقامة أصلا أو صلاها منفردا كما يشعر بذلك قوله قطع إن خشي فوات ركعة قبل الدخول معه فإن كان غير مخاطب بالدخول معه كصلاته لها جماعة قبل ذلك أو كانت مما لا تعاد لفضل كالمغرب فإنه لا يقطع ما هو فيه لدخوله بوجه جائز وعدم توجه الخطاب بالمقامة كذا قال الشيخ سالم على سبيل الاستظهار لعدم اطلاعه على نص في المسألة كما قال وفي شب أن الأولى التعميم في كلام المصنف أي سواء كان يخاطب بالدخول أو لا إذ تعارض أمران حق آدمي وهو الطعن في الإمام وحق الله وهو لزوم النافلة بالشروع فيها فقدم حق الآدمي لأنه مبني على المشاحة ا هـ .

( قوله إن خشي بإتمامها ) أي إن كانت نافلة أو فريضة غير المقامة بالخروج عن شفع إن كانت هي المقامة بدليل ما يأتي وليس المراد إن خشى بإتمامها مطلقا كما في الشيخ سالم ومن تبعه قاله طفى والحاصل أن غير المقامة يطلب بتماديه فيها إن لم يخش فوات ركعة وإلا قطعها ولو أمكنه الخروج عن شفع قبل فوات ركعة والمقامة يطالب بشفعها إن لم يخف فوات ركعة وإلا قطع وهذا قول مالك الذي درج عليه المصنف لأنه فرق بين المقامة وغيرها كذا ذكر شيخنا .

( قوله بإتمامها ) أي الصلاة التي هو فيها .

( قوله فوات ركعة ) أي من المقامة .

( قوله أتم النافلة ) أي ويندب أن يتمها جالسا كما في المواق .

( قوله وإلا بأن كانت عينها ) أي والموضوع أنه لا يخاف فوات ركعة من المقامة إذا شفع ما هو فيها على ما مر .

( قوله انصرف في الثالثة ) أي إذا أقيمت الصلاة عليه وهو متلبس بالركعة الثالثة .

( قوله على المعتمد ) تبع في ذلك عج والشيخ أحمد الزرقاني وهو صواب إذ هو ظاهر المدونة وصرح به أبو الحسن خلافا لبهرام وتت والشيخ سالم في قولهم إن العقد هنا برفع الرأس من الركوع انظر طفى ا هـ بن .

( قوله كملها فريضة ) أي ثم يدخل مع الإمام .

( قوله أقيمت عليه ) أي فإنه يتمها فريضة ولا يدخل مع الإمام الراتب لأن المغرب لا تعاد .

( قوله كالأولى ) أي كما أنه ينصرف عن شفع إذا أقيمت عليه الصلاة وهو في الركعة الأولى من الصلاة المقامة إن كان قد عقدها بالفراغ من سجودها وأما لو أقيمت عليه الصلاة في الركعة الأولى قبل عقدها فإنه يقطعها ( قوله وهذا ) أي شفع الأولى إن عقدها في غير المغرب والصبح وأما هما فيقطعهما ولو عقد ركعة أما استثناؤه المغرب فصحيح لقول المدونة وإن كانت المغرب قطع ودخل مع الإمام عقد ركعة أم لا وإن صلى اثنتين أتمها ثلاثا وخرج وإن صلى ثلاثا سلم وخرج ولم يعدها وأما الصبح فلم يستثنها ابن عرفة ولا [ ص: 325 ] غيره بل ظاهره أنها كغيرها تقطع ما لم يعقد ركعة وإلا انصرف عن شفع لأن الوقت وقت نفل في الجملة ألا ترى فعل الورد لنائم عنه في ذلك الوقت ولذا قال الشيخ أبو علي المسناوي إن استثناء الصبح مخالف لظاهر كلام الأئمة أو صريحه ا هـ بن .

( قوله خرج وجوبا ) أي واضعا يده على أنفه كالراعف وقوله لئلا يطعن في الإمام أي إن بقي من غير خروج ومن غير صلاة معه قال شيخنا وفي هذا التعليل إشارة إلى أن وجوب الخروج مقيد بما إذا حصل الطعن بالفعل عند المكث لعدم جريان العادة به في المسجد عند الإقامة للراتب فإن جرت العادة بالمكث فيه عند الإقامة كالأزهر فلا يجب الخروج تأمل .

( قوله ويصلي فرضا غيرها ) أي لما فيه من الطعن على الإمام وأما لو صلى خلفه نفلا جاز كما يدل له قوله فيما يأتي إلا نفلا خلف فرض .

( قوله وإلا يكن حصل الفضل إلخ ) بقي ما إذا أقيمت الصلاة على من بالمسجد والحال أنه لم يصلها وعليه ما قبلها أيضا كما لو أقيمت العصر على من بالمسجد ولم يكن صلى الظهر فقيل يلزمه الدخول مع الإمام بنية النفل وقيل يجب عليه الخروج من المسجد والأول نقل ابن رشد عن أحد سماعي ابن القاسم والثاني للخمي عن ابن عبد الحكم وهو موافق لقول ابن القاسم فيها لا يتنفل من عليه فرض ويظهر من كلام ابن عرفة ترجيح الثاني لكن في ح عن الهواري أن الأول هو المشهور الجاري على ما قاله المؤلف فيما إذا أقيمت عليه صلاة وهو في فريضة غيرها وخشي فوات ركعة انظر بن وفي المسألة قولان آخران قيل يدخل مع الإمام بنية العصر ويتمادى على صلاة باطلة واستبعد وقيل يدخل معه بنية الظهر ويتابعه في الأفعال بحيث يكون مقتديا به صورة فقط وهذا أقوى الأقوال كما قرر شيخنا .

( قوله فيلزمه الدخول معه ) أي إذا كان محصلا لشروطها ولم يكن إماما بمسجد آخر فكلام المصنف مقيد بهذين القيدين كما قاله الشيخ ميارة .

( قوله كانت المقامة أو غيرها ) الأولى حذف هذا التعميم والاقتصار على ما بعده لأن الموضوع أن الصلاة التي أقيمت بالمسجد أحرم بها خارجه إلا أن يقال إن هذا التعميم بقطع النظر عن قوله وقد أحرم بها ببيته




الخدمات العلمية