الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      في إفادته واشتغاله :

                                                                                      قال الضياء : وكان -رحمه الله- مجتهدا على الطلب ، يكرم الطلبة ، ويحسن إليهم ، وإذا صار عنده طالب يفهم أمره بالرحلة ، ويفرح لهم بسماع ما يحصلونه ، وبسببه سمع أصحابنا الكثير .

                                                                                      سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد الحافظ يقول : ما رأيت الحديث في الشام كله إلا ببركة الحافظ ، فإنني كل من سألته يقول : أول ما سمعت على الحافظ عبد الغني ، وهو الذي حرضني .

                                                                                      وسمعت أبا موسى بن الحافظ يقول عند موته : لا تضيعوا هذا العلم الذي قد تعبنا عليه .

                                                                                      قلت : هو رحل ابن خليل إلى أصبهان ، ورحل ابنيه العز محمدا وعبد الله إلى أصبهان ، وكان عبد الله صغيرا ، وسفر ابن أخته محمد بن عمر بن أبي بكر وابن عمه علي بن أبي بكر .

                                                                                      قال الضياء : وحرضني على السفر إلى مصر وسافر معنا ابنه أبو سليمان [ ص: 451 ] عبد الرحمن بن عشر ، فبعث معنا " المعجم الكبير " للطبراني وكتاب " البخاري " و " السيرة " وكتب إلى زين الدين علي بن نجا يوصيه بنا ، وسفر ابن ظفر إلى أصبهان ، وزوده ، ولم يزل على هذا .

                                                                                      قال الضياء : لما دخلنا أصبهان في سفرتي الثانية كنا سبعة أحدنا الفقيه أحمد بن محمد بن الحافظ ، وكان طفلا ، فسمعنا على المشايخ ، وكان المؤيد ابن الإخوة عنده جملة من المسموعات وكان يتشدد علينا ، ثم توفي ، فحزنت كثيرا ، وأكثر ما ضاق صدري لثلاثة كتب : " مسند العدني " و " معجم ابن المقرئ " و " مسند أبي يعلى " ، وقد كنت سمعت عليه في النوبة الأولى " مسند العدني " لكن لأجل رفقتي ، فرأيت في النوم كأن الحافظ عبد الغني قد أمسك رجلا وهو يقول لي : أم هذا ، أم هذا ، وهذا الرجل هو ابن عائشة بنت معمر .

                                                                                      فلما استيقظت قلت : ما هذا إلا لأجل شيء ، فوقع في قلبي أنه يريد الحديث ، فمضيت إلى دار بني معمر وفتشت الكتب فوجدت " مسند العدني " سماع عائشة مثل ابن الإخوة ، فلما سمعناه عليها قال لي بعض الحاضرين : إنها سمعت " معجم ابن المقرئ " فأخذنا النسخة من خباز وسمعناه . وبعد أيام ناولني بعض الإخوان " مسند أبي يعلى " سماعها ، فسمعناه .

                                                                                      مجالسه : [ ص: 452 ] كان -رحمه الله- يقرأ الحديث يوم الجمعة بجامع دمشق وليلة الخميس ، ويجتمع خلق ، وكان يقرأ ويبكي ويبكي الناس كثيرا ، حتى إن من حضره مرة لا يكاد يتركه ، وكان إذا فرغ دعا دعاء كثيرا .

                                                                                      سمعت شيخنا ابن نجا الواعظ بالقرافة يقول على المنبر : قد جاء الإمام الحافظ ، وهو يريد أن يقرأ الحديث فاشتهى أن تحضروا مجلسه ثلاث مرات ، وبعدها أنتم تعرفونه وتحصل لكم الرغبة ، فجلس أول يوم ، وحضرت ، فقرأ أحاديث بأسانيدها حفظا ، وقرأ جزءا ، ففرح الناس به ، فسمعت ابن نجا يقول : حصل الذي كنت أريده في أول مجلس .

                                                                                      وسمعت بعض من حضر يقول : بكى الناس حتى غشي على بعضهم . وكان يجلس بمصر بأماكن .

                                                                                      سمعت محمود بن همام الأنصاري يقول : سمعت الفقيه نجم بن عبد الوهاب الحنبلي يقول وقد حضر مجلس الحافظ : يا تقي الدين والله لقد حملت الإسلام ، ولو أمكنني ما فارقت مجلسك .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية