الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال وبيان بيعة الرضوان تحت الشجرة

                                                                                                                1856 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث بن سعد ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن أبي الزبير عن جابر قال كنا يوم الحديبية ألفا وأربع مائة فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة وقال بايعناه على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت [ ص: 5 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 5 ] قوله : ( كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة ) وفي رواية : ( ألفا وخمسمائة ) ، وفي رواية : ( ألفا وثلاثمائة ) وقد ذكر البخاري ومسلم هذه الروايات الثلاث في صحيحيهما ، وأكثر روايتهما ألف وأربعمائة ، وكذا ذكر البيهقي أن أكثر روايات هذا الحديث ألفا وأربعمائة . ويمكن أن يجمع بينهما بأنهم كانوا أربعمائة وكسرا ، فمن قال : أربعمائة ، لم يعتبر الكسر ، ومن قال : خمسمائة اعتبره ، ومن قال : ألف وثلاثمائة ، ترك بعضهم لكونه لم يتقن العد ، أو لغير ذلك .

                                                                                                                قوله في رواية جابر ورواية معقل بن يسار : ( بايعناه يوم الحديبية على ألا نفر ، ولم نبايعه على الموت ) وفي رواية سلمة : ( أنهم بايعوه يومئذ على الموت ) وهو معنى رواية عبد الله بن زيد بن عاصم . وفي رواية مجاشع بن مسعود ( البيعة على الهجرة ، والبيعة على الإسلام والجهاد ) وفي حديث ابن عمر [ ص: 6 ] وعبادة ( بايعنا على السمع والطاعة ، وألا ننازع الأمر أهله ) وفي رواية عن ابن عمر في غير صحيح مسلم : البيعة على الصبر . قال العلماء : هذه الرواية تجمع المعاني كلها ، وتبين مقصود كل الروايات ، فالبيعة على ألا نفر معناه : الصبر حتى نظفر بعدونا أو نقتل ، وهو معنى البيعة على الموت ، أي : نصبر وإن آل بنا ذلك إلى الموت ، لا أن الموت مقصود في نفسه ، وكذا البيعة على الجهاد ؛ أي والصبر فيه . والله أعلم .

                                                                                                                وكان في أول الإسلام يجب على العشرة من المسلمين أن يصبروا لمائة من الكفار ولا يفروا منهم ، وعلى المائة الصبر لألف كافر ، ثم نسخ ذلك ، وصار الواجب مصابرة المثلين فقط . هذا مذهبنا ومذهب ابن عباس ومالك والجمهور أن الآية منسوخة ، وقال أبو حنيفة وطائفة : ليست بمنسوخة ، واختلفوا في أن المعتبر مجرد العدد من غير مراعاة القوة والضعف ، أم يراعى ؟ والجمهور على أنه لا يراعى لظاهر القرآن ، وأما حديث عبادة ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا . . . إلى آخره ) فإنما كان ذلك في أول الأمر في ليلة العقبة قبل الهجرة من مكة وقبل فرض الجهاد .




                                                                                                                الخدمات العلمية