الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن باع بثمن مؤجل لم يجز إلى مجهول ، كالبيع إلى العطاء ، لأنه عوض في بيع ، فلم يجز إلى أجل مجهول كالمسلم فيه ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) اتفقوا على أنه لا يجوز البيع بثمن إلى أجل مجهول ، لما ذكره المصنف ( وقوله ) عوض في بيع احتراز من الجعل في الجعالة : فإنه يستحقه عند فراغ العمل وهو وقت مجهول ، قال أصحابنا : فإذا باع [ ص: 413 ] بمؤجل إلى الحصاد أو إلى العطاء لم يصح ، وإن كان إلى وقت استحقاق العطاء وهو معلوم لهما صح ، وابتدأ الأجل من العقد على المذهب ، وقيل : فيه وجهان كابتداء مدة خيار الثلاث ( أحدهما ) من العقد ( والثاني ) من التفرق ، وسبقت المسألة واضحة في مسائل خيار الشرط ، وفي الأجل مسائل وفروع كثيرة ، ذكرها المصنف والأصحاب في كتاب السلم ، وهناك نوضحها إن شاء الله تعالى .

                                      ( فرع ) قال الروياني لو باع بثمن مؤجل إلى ألف سنة بطل العقد للعلم بأنه لا يعيش ألف سنة ، قال الرافعي : فعلى هذا الشرط في صحة الأجل احتمال بقائه إليه ( قلت : ) الصواب أنه لا يشترط احتمال بقائه إليه ، بل ينتقل إلى وارثه ثم وارثه وهلم جرا ، ولكن لا يصح التأجيل بألف سنة وغيرها مما لا يعتقد بقاء الدنيا إليه .

                                      ( فرع ) قال أصحابنا : إنما يجوز الأجل إذا كان العوض في الذمة ( فأما ) إذا أجل تسليم المبيع أو الثمن المعين بأن قال : اشتريت بهذه الدراهم على أن أسلمها في وقت كذا فالعقد باطل .

                                      ( فرع ) قال أصحابنا : ولو حل الأجل وأجل المشتري البائع مدة أخرى ، أو زاد في الأجل قبل حلول الأجل المضروب ، فهو وعد لا يلزم عندنا خلافا لأبي حنيفة ، ووافقنا على أن بدل الإتلاف لا يتأجل بالتأجيل ، ولو أوصى من له دين حال على إنسان بإمهاله مدة لزم ورثته إمهاله تلك المدة ، لأن التبرعات بعد الموت تلزم ، وممن ذكره المتولي ، ولو أسقط من عليه دين مؤجل الأجل ، فهل يسقط حتى يتمكن المستحق من مطالبته في الحال ؟ فيه وجهان ( أصحهما ) لا يسقط لأن الأجل صفة تابعة ، والصفة لا تفرد بالإسقاط ، ألا ترى أن مستحق الحنطة الجيدة أو الدنانير الصحاح لو أسقط صفة الجودة والصحة لم يسقط ؟ .



                                      [ ص: 414 ] فرع ) في مذاهب العلماء في البيع إلى العطاء والحصاد ونحوهما من الآجال المجهولة ، قد ذكرنا أنه لا يصح عندنا ، قال ابن المنذر ، وبه قال ابن عباس وأبو حنيفة ، وقال مالك وأحمد وأبو ثور : يجوز بثمن إلى الحصاد والدياس والعطاء ونحو ذلك لأنه معروف . قال ابن المنذر ، وروينا ذلك عن ابن عمر قال وقال ابن أبي ليلى : إذا باع إلى العطاء صح ، وكان الثمن حالا قال : وقول ابن عباس أصح .




                                      الخدمات العلمية