الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2944 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن محمد بن سوقة عن منذر عن ابن الحنفية قال لو كان علي رضي الله عنه ذاكرا عثمان رضي الله عنه ذكره يوم جاءه ناس فشكوا سعاة عثمان فقال لي علي اذهب إلى عثمان فأخبره أنها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر سعاتك يعملون فيها فأتيته بها فقال أغنها عنا فأتيت بها عليا فأخبرته فقال ضعها حيث أخذتها قال الحميدي حدثنا سفيان حدثنا محمد بن سوقة قال سمعت منذرا الثوري عن ابن الحنفية قال أرسلني أبي خذ هذا الكتاب فاذهب به إلى عثمان فإن فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن محمد بن سوقة ) بضم المهملة وسكون الواو ثقة عابد مشهور ، وهو وشيخه منذر بن يعلى أبو يعلى الثوري كوفيان قرينان من صغار التابعين

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لو كان علي ذاكرا عثمان ) زاد الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن قتيبة " ذاكرا عثمان بسوء " وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن محمد بن سوقة " حدثني منذر قال : كنا عند ابن الحنفية فنال بعض [ ص: 248 ] القوم من عثمان فقال : مه ، فقلنا له أكان أبوك يسب عثمان ؟ فقال ما سبه ، ولو سبه يوما لسبه يوم جئته " فذكره

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( جاءه ناس فشكوا سعاة عثمان ) لم أقف على تعيين الشاكي ولا المشكو . والسعاة جمع ساع وهو العامل الذي يسعى في استخراج الصدقة ممن تجب عليه ويحملها إلى الإمام

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال لي علي : اذهب إلى عثمان فأخبره أنها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي أن الصحيفة التي أرسل بها إلى عثمان مكتوب فيها بيان مصارف الصدقات ، وقد بين في الرواية الثانية أنه قال له " خذ هذا الكتاب فإن فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة " وفي رواية ابن أبي شيبة " خذ كتاب السعاة فاذهب به إلى عثمان " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أغنها ) بهمزة مفتوحة ومعجمة ساكنة وكسر النون أي اصرفها تقول : أغن وجهك عني أي اصرفه ، ومثله قوله : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه أي يصده ويصرفه عن غيره ، ويقال قوله : اغنها عنا " بألف وصل من الثلاثي وهي كلمة معناها الترك والإعراض ، ومنه ( واستغنى الله ) أي تركهم الله لأن كل من استغنى عن شيء تركه تقول غني فلان عن كذا فهو غان بوزن علم فهو عالم ، وفي رواية ابن أبي شيبة " لا حاجة لنا فيه " وقيل كان علم ذلك عند عثمان فاستغنى عن النظر في الصحيفة ، وقال الحميدي في " الجمع " : قال بعض الرواة عن ابن عيينة : لم يجد علي بدا حين كان عنده علم منه أن ينهيه إليه ، ونرى أن عثمان إنما رده لأن عنده علما من ذلك فاستغنى عنه ، ويستفاد من الحديث بذل النصيحة للأمراء وكشف أحوال من يقع منه الفساد من أتباعهم وللإمام التنقيب عن ذلك . ويحتمل أن يكون عثمان لم يثبت عنده ما طعن به على سعاته ، أو ثبت عنده وكان التدبير يقتضي تأخير الإنكار ، أو كان الذي أنكره من المستحبات لا من الواجبات ولذلك عذره علي ولم يذكره بسوء

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فأخبرته فقال : ضعها حيث أخذتها ) في رواية ابن أبي شيبة " ضعه موضعه " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال الحميدي إلخ ) هو في " كتاب النوادر " له بهذا الإسناد ، والحميدي من شيوخ البخاري في الفقه والحديث كما تقدم في أول هذا الكتاب وأراد بروايته هذه بيان تصريح سفيان بالتحديث ، وكذا التصريح بسماع محمد بن سوقة من منذر ، ولم أقف في شيء من طرقه على تعيين ما كان في الصحيفة ، لكن أخرج الخطابي في " غريب الحديث " من طريق عطية عن ابن عمر قال " بعث علي إلى عثمان بصحيفة فيها : لا تأخذوا الصدقة من الرخة ولا من النخة " قال الخطابي : النخة بنون ومعجمة أولاد الغنم ، والرخة براء ومعجمة أيضا أولاد الإبل انتهى . وسنده ضعيف لكنه مما يحتمل .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية