الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وترتيبهم كترتيب العصبات ) يعني : ترتيب ذوي الأرحام في الإرث كترتيب العصبات يقدم فروع الميت كأولاد البنات ، وإن سفلوا ، ثم أصوله كالأجداد الفاسدين والجدات الفاسدات ، وإن علوا ، ثم فروع أبويه كأولاد الأخوات وبنات الإخوة وبني الإخوة لأم ، وإن نزلوا ، ثم فرع جده وجدته كالعمات والأعمام لأم والأخوال والخالات ، وإن بعدوا فصاروا أربعة أصناف وروى أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة أن أولاهم بالميراث الأصول ، والأول أصح ; لأن الفرع أقرب كما في العصبات ، وفي المضمرات وهم عشرة أولاد : البنات وأولاد الأخوات وبنات الأخ ، وبنت العم ، والخال ، والخالة ، وأب الأم وعم الأم والعمة وولد الأخ ومن أدلى بهم وفي العثماني وهم خمسة أصناف أولهم أولاد البنات ، والثاني الجد الفاسد والجدات ، والثالث أولاد الأخوات لأب وأم أو لأب ، وأولاد بنات الابن ، وأولاد الإخوة ، والأخوات لأم وبنات الأعمام وأولاد هؤلاء الإخوة كلهم والرابع الأعمام لأم والأخوال والخالات والعمات وبنات الأعمام ، وأولاد هؤلاء والخامس عمات الآباء والأمهات كلهم وأخوالهم وخالاتهم وأعمام الأباء بالأم وأعمام الأمهات كلهم وأولاد هؤلاء فأولاهم بالميراث أولهم ، ثم ثانيهم ، ثم ثالثهم ، ثم رابعهم ، ثم خامسهم وفي رواية عن أبي حنيفة : وعليه الفتوى .

                                                                                        وروي عن أبي حنيفة أن الجد الفاسد أولى بالميراث من أولاد البنات وأولاد بنات الابن وقال أبو يوسف ومحمد : وأولاد الأخوات وبنات الإخوة أولى من الجد الفاسد ، أبو الأم ، وكل واحد أولى من ولده ، وولد ولده أولى من أبويه عندهما وفي الظهيرية ، وقد صح رجوع أبي حنيفة إلى قولهما في تقديم أولاد البنات وعليه الفتوى والحكم فيهم أنه إذا انفرد واحد منهم يستحق جميع المال وهذا لأن ذوي الأرحام يرثون على التعصيب من وجه ; لأنهم يرثون بالقرابة من الميت وليس لهم سهم مقدر ، والعصبة من كل وجه ذكر يدلي بعصبة ذكر ، ولا يكون له سهم مقدر ففي حق ذوي الأرحام إذا لم توجد الذكورة والإدلاء إلى الميت بعصبة ذكر وجد المعنى الآخر ، وهو أنه قريب ليس له سهم مقدر وكانوا عصبة من وجه فيعتبر بمن يرث بالتعصيب من كل وجه أن يستحق جميع المال إذا انفرد ، وكذا هنا وهم في الحاصل أصناف صنف ينتهي إلى الميت ، وهو الساقط من ولد الولد وإنما اعتبرنا بالساقط ; لأن ولد الولد على ضربين ثابت ، وهو من جملة أصحاب الفرائض وهو بنت الابن أو هو من جملة العصبات وهو ابن الابن وساقط هو داخل في جملة ذوي الأرحام وهو ولد البنت ذكرا كان أو أنثى وصنف ينتمي إليه الميت كالجد الفاسد والجدة الفاسدة ، وصنف ينتمي إلى أبوي الميت كبنات الإخوة لأب وأم أو لأب ، وأولاد الأخوات كلها .

                                                                                        وصنف ينتمي إلى جدي الميت كالأعمام لأب وأم لأب وصنف ينتمي إلى أبوي جدي الميت ، وهو أعمام الأب وعماته وأخواله وخالاته وأعمام الأم كلهم وعماتها وأخوالها وخالاتها وأولادهم وفي الكافي وأجمعوا على أن ذوي الأرحام لا يحجبون بالزوج والزوجة أي يرثون معها فيعطى الزوج أو الزوجة نصيبه ، ثم يقسم الباقي بين ذوي الأرحام كما سنعرفه مثاله زوج وبنت بنت وخالة وبنت عم فللزوج النصف ، والباقي لبنت البنت ، وأما الكلام في الصنف الأول فأولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت حتى كانت بنت البنت أولى من بنت بنت البنت فإن استووا في القرب فمن كان ولد الوارث فهو أولى مثاله إذا ترك بنت بنت بنت ، وبنت بنت ابن فالمال لبنت بنت الابن ; لأن أمها وارثة ، وكذلك إذا ترك ابن ابن بنت ، وبنت بنت ابن فالمال لبنت بنت الابن كما ذكرنا ، وإن كان أحدهما أقرب ، والآخر ولد الوارث لا يكون أولى ، وفي الذخيرة في أصح القولين حتى إنه إذا ترك بنت بنت البنت وبنت بنت ابن ابن كان بنت بنت البنت أولى لكونها [ ص: 579 ] أقرب ، وإن استووا في القرب وليس فيهم ولد الوارث فالمال يقسم بينهم بالسوية ، وإن كانوا ذكورا كلهم أو إناثا كلهم ، وإن كانوا مختلطين فللذكر مثل حظ الأنثيين وهنا بلا خلاف إذا اتفق صفة الأصول في الذكورة والأنوثة أعني بالأصول الآباء والأمهات ، واتفق صفة أبدان الفروع في الذكورة والأنوثة .

                                                                                        وإن اختلفت صفة الأصول فعلى قول أبي يوسف يعتبر أبدان الفروع ويقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا ذكورا كلهم أو إناثا كلهن ، وإن كانوا مختلطين فللذكر مثل حظ الأنثيين ، ثم ما أصاب كل بطن فهو لولده ، وكان أبو يوسف أولا يقول كما قال محمد ، ثم رجع عنه وقال كما ذكرنا قال شيخ الإسلام خواهر زاده وعامة مشايخنا يجعلون قول أبي حنيفة مع قول محمد وغيرهم من المشايخ قالوا عن أبي حنيفة في هذا روايتان بيان هذه المسائل إذا ترك بنت بنت وابن بنت فالمال بينهما { للذكر مثل حظ الأنثيين }

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية